للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أيام الملك الناصر صلاح الدين يوسف.

فلما تقرّر الحال على دلك، ووقع الصلح، أرسل ملك الفرنج عشرين ملكا من أقاربه إلى عند الملك الكامل؛ ثم إنّ الملك الكامل أرسل إلى عند ملك الفرنج ابنه الأمير نجم الدين، ومعه جماعة من الأمراء.

فعند ذلك سلّم ملك الفرنج مدينة دمياط، وأطلق من عنده من الأسراء (١)، وكذلك الملك الكامل أطلق من عنده من الأسراء وفيها قبض … على العبيد: كتبت فى الأصل على هامش ص (١١٩ ب).، واتّفق بينهما الصلح.

ومن جملة ألطاف الله تعالى، لما وقع الصلح جاءت إلى ملك الفرنج نجدة من البحر، نحو مائتى مركب، فلو جاءت هذه النجدة، قبل أن يسلّموا مدينة دمياط، كانوا تقوّوا بها على المسلمين، وكسروهم.

قيل: لما رحلوا الفرنج عن دمياط، ودخلها الملك الكامل، كان يوم دخوله إليها يوما مشهودا؛ ثم إنّ الملك الكامل أرسل بهذه البشارة إلى القاهرة، وكاتب بها إلى سائر الآفاق، وكانت الفرنج أشرفوا على أخذ الديار المصرية.

[وفى سنة ست وعشرين وستمائة، توفّى نجم الدين يعقوب بن صابر القرشى، المعروف بالمنجنيقى، وكان من فحول الشعراء بالعراق، ومولده سنة أربع وخمسين وخمسمائة] (٢).

وكانت مدّة استيلاء الفرنج على ثغر دمياط، إلى حين رحلوا عنها، ثلاث سنين وأربعة أشهر وتسعة عشر يوما، وكانت مدّة محاصرة الملك الكامل للفرنج، سنة وعشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما، وهو معهم فى جهاد ليلا ونهارا، لا يكلّ من الحروب، إلى أن دخلت سنة تسع وعشرين وستمائة.

قال الشيخ شمس الدين الذهبى: لما حصلت هذه النصرة للملك الكامل، توجّه من دمياط إلى المنصورة، ونزل فى القصر الذى أنشأه بها سنة ست عشرة وستمائة، فاجتمع هناك هو، وأخوه الملك المعظم عيسى، وأخوه الملك الأشرف موسى؛ قيل:


(١) الأسراء: كذا فى الأصل.
(٢) وفى سنة … وخمسمائة: كتبت فى الأصل على هامش ص (١٣١ ب).