للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ملوك المغرب، فولد الشيخ وهو أطمس العينين، فخافت أمّه من سطوة أبيه، فألقته فى البريّة، فأتت إليه الغزلان وأرضعته، ثم إنّ والده خرج إلى الصيد فلقيه، فأخذه وهو لا يشعر أنّه ابنه؛ فلما أتى به إلى منزله، قال لزوجته: «ربيّه (١)، لعل الله تعالى أن يجعل لنا فيه خيرة»؛ فلما كبر الشيخ، فتح عليه، وقرأ القرآن، واشتغل بالعلوم الشرعية إلى أن برع فيها، ثم تصوّف، وظهر له كرامات خارقة، ومات فى أثناء تلك السنة، رحمة الله عليه، ودفن بالقرافة الصغرى.

وفى هذه السنة، كانت وفاة الإمام الرافعى، ، وقد عاش من العمر نحو خمس وستين سنة، واسمه القاسم محمد بن عبد الكريم الرافعى، انتهى ذلك.

ومن هنا نرجع إلى أخبار الملك الكامل محمد، فإنّه لما أرسل يستحث إخوته إلى قتال الفرنج، فحضر إليه أخوه الملك المعظم عيسى، صاحب دمشق، وأخوه الملك الأشرف موسى شاه أرمن، صاحب حلب، وماردين.

فلما جاءت العساكر الشامية، تكامل عند الملك الكامل نحو أربعين ألف مقاتل، فتحارب الملك الكامل مع الفرنج أشدّ المحاربة، وحاصرهم برّا وبحرا.

قيل: كان فى مدّة هذه المحاصرة، يمشى فى ركاب الملك الكامل شخص يسمّى شمايل، وكان من جملة جندارية الوالى، فكان يسبح فى البحر تحت الليل، ويأتى الملك الكامل بأخبار الفرنج، فلما انتصر الملك الكامل على الفرنج، وحضر إلى القاهرة، أخلع على شمايل المذكور، واستقرّ به والى القاهرة، وإليه تنسب خزانة شمايل، التى كانت سجنا لأصحاب الجرائم.

فلما طال الأمر على الفرنج، ورأوا عين الغلب، أرسلوا [يطلبوا الأمان من الملك الكامل، وعلى أنّهم يتركوا] (٢) دمياط، ويرحلوا (٣) عنها إلى بلادهم، فاتّفق الحال على ذلك؛ ثم إنّ كلا من الفريقين، يعطى رهائن من أقاربه، ويطلق من عنده من الأسراء (٤)،


(١) ربيه: كذا فى الأصل.
(٢) يطلبوا … يتركوا: كذا فى الأصل.
(٣) ويرحلوا: كذا فى الأصل.
(٤) الأسراء: كذا فى الأصل.