القضاة الحنفى عبد البرّ كاملة صوف أبيض بصمور وكان مسافرا معه، وركب قدّامه العسكر قاطبة، فشقّ من الصليبة مع طلوع الشمس وهو فى موكب حافل، وعليه كاملة مخمل أحمر بصمور، وهو راكب على فرس بسرج ذهب وكنبوش، وقدّامه ثلاث طوايل خيل بسروج ذهب وكنابيش، وقدّامه حجورة بسروج بداوى وركب مغربى، وكان قدّامه أربع نوب هجن فيهم نوبتين بأكوار زركش، وكان قدّامه الأفيال الكبار وعليهم البركستوان المخمل الأحمر، وعلى ظهورهما الصناجق الحرير الملوّن، وكان قدّامه طبلان وزمران والنفير البرغشى والطبردارية، وقد شاهدت هذا كله بعينى، وركب قدّامه أولاد ابن عثمان ملك الروم، وركب قدامه جماعة من أولاد ابن قرمان كانوا بمصر، وركب قدّامه جماعة من مشايخ عربان جبل نابلس، وغير ذلك من الأعيان، فاستمرّ فى هذا الموكب الحافل حتى طلع إلى القلعة. وهذه كانت أوّل سفرات السلطان، وكانت مدّة غيبته فى هذه السفرة سبعة عشر يوما ذهابا وإيابا، ووقع له فى هذه السفرة أمور غريبة لم يقع للأشرف قايتباى مثلها لما سافر إلى الفيوم، وقد بلغنى ممن أثق به أن السلطان فتك فى هذه السفرة فتكا زائدا وأظهر أنواعا من العظمة، وصار يمدّ للأمراء بطول الطريق أسمطة حافلة وطوارى فاخرة، فى كل يوم أربع مرار، ما بين حلوى وفاكهة وأجبان مقلى وجلاب وغير ذلك من الأسمطة الحافلة، ولا يمنع من يأكل على السماط من الغلمان وغيرهم، وكان يطوف على العسكر بالسكر فى قرب مع السقّايين ويسقيهم السكر بالطاسات، وأحكوا عنه أشياء غريبة من هذا النمط، ورتّب العليق لخيول العسكر بطول الطريق، وكانت هذه السفرة على سبيل التنزّه، وقد أشيع بين الناس أن السلطان توجّه إلى هناك بسبب مطلب وجد هناك، والأصحّ أنه توجّه بسبب الكشف على الجسر الذى هناك، وهو جسر اللاهون، وجسر آخر هناك، فإنه كان تقطّع حتى شرّق منه إقليم الفيوم، فلما توجّه السلطان إلى هناك صار يتصيّد فى جهات الفيوم ودخل