ولم يدخل خليجها المراكب على جارى العادة بالغلال، فوجدوا فم الخليج قد تربى فيه الطين نحو من سبعة أذرع، فرسم السلطان بإبطال ذلك الجسر، ففرح به سكان الزربية. - وفى يوم السبت عاشره أخلع السلطان على قاصد ملك الكرج وأذن له بالسفر إلى بلاده. - وفى يوم الاثنين ثانى عشره كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفى فى أول يوم من مسرى وفتح السدّ فى اليوم الثانى منها، ووقع مثل ذلك فى دولة الأشرف قايتباى سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة أن النيل أوفى فى آخر يوم من أبيب وفتح السدّ فى أول يوم من مسرى، فلما أوفى فى هذه السنة زاد عن الوفاء عشرة أصابع من الذراع السابع عشر، فعدّ ذلك من النوادر، وفى اليوم الثانى من بعد الوفاء زاد النيل اثنى عشر أصبعا، وزاد فى اليوم الثالث ستة عشر أصبعا فغلّق سبعة عشر ذراعا وأربعة أصابع من ثمانية [عشر] ذراعا، حتى عدّ ذلك من النوادر الغريبة، فلما أوفى النيل رسم السلطان للأتابكى سودون العجمى بأن يتوجه ويفتح السدّ على العادة، فتوجه وفتح السدّ وكان له يوم مشهود، وقد قيل فى المعنى:
النيل زاد زيادة قد أذّنت … من كلّ باسقة النّخيل بقلعها
فلكم به من مركب فى الجوّ قد … أمسى عمود الصبح صارى قلعها
وفى يوم الثلاثاء ثالث عشره نزل السلطان إلى المقياس وبات به، وكانت ليلة البدر فبات بسطح القصر الذى أنشأه على بسطة المقياس، ومدّ هناك أسمطة حافلة، وقرأ ختمة وحضرت سائر قرّاء البلد والوعّاظ، وأقام هناك إلى اليوم الثانى وطلع بعد العصر، وكانت ليلة الجامكيّة، وهذا أول بياته عن القلعة، ولم يقع له من حين ولى السلطنة أنه بات عن القلعة سوى هذه الليلة، وكان ولده المقرّ الناصرى محمد صحبته، قيل أنه قرأ فى تلك الليلة عشرين ختمة بالج؟؟؟ تية، وانشرح تلك الليلة إلى الغاية، ثم فى اليوم الثانى نزل السلطان من المقياس فى الحراقة وتوجه إلى بولاق، وكان الأمير خاير بيك الخازندار عليلا وهو مقيم فى البيت المعروف بالسّبكيّة، فطلع عنده السلطان وأعاده فمدّ له خاير بيك هناك