للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاثنين خامسه طلع الأمير بيبرس بن الأمير أحمد بن بقر شيخ العرب إلى السلطان وقابله، فأخلع عليه ونزل إلى داره، وكان له مدّة طويلة وهو عاصى على السلطان فقابله فى ذلك اليوم. - وفيه طلع الأمير خاير بيك الخازندار أحد الأمراء المقدمين إلى القلعة، فأخلع عليه السلطان كاملة بصمور، ونزل إلى داره فى موكب حافل وصحبته الأمراء، فزيّنت له القاهرة، وسبب ذلك أنه كان قد مرض مرضا خطرا وأشرف فيه على الموت ثم شفى من ذلك. - وفى يوم الأربعاء سابعه نزل السلطان إلى المقياس وأقام به إلى بعد العصر، وكان النيل قد قارب الوفاء فزاد فى تلك الليلة أربعة وعشرين أصبعا فى دفعة واحدة، فتفاءلوا الناس بنزول السلطان إلى المقياس. - وفى يوم الخميس ثامنه جلس السلطان فى الميدان، وأحضر قصّاد الصوفى وأخلع عليهم كوامل مخمل أحمر كفوى بصمور، وعلى بقية جماعته سلاريات صوف مفرّية ما بين صمور ووشق وسنجاب، ودفع إليهم جواب كتابهم، ولكن كتب إلى الصوفى فى جوابه عبارة ألفاظها يابسة فى الكلام، وكان الصوفى أرسل إلى السلطان فى كتابه ألفاظا فاحشة فأجابه بمثل ذلك وزيادة، وهذا أول ابتداء وقوع الوحشة بين السلطان وبين شاه إسمعيل الصوفى، وكان الصوفى قد حصل منه فى حقّ قاصد السلطان الأمير تمر باى الهندى لما توجه إليه غاية الفحش به. - وفى هذا الشهر وقعت نادرة وهو أن أشيع بين الناس أن رودس قد فتحت على يد المسلمين بحيلة من غير قتال ولا حرب، فقويت الإشاعات بذلك، وهمّ أن يدقّ السلطان الكوسات فى ذلك اليوم ويزيّن القاهرة (١)، وكان سبب ذلك أن شخصا من ابناء الشام جاء إلى شخص من مماليك الأمير خاير بيك كاشف الغربية أحد الأمراء المقدمين، وكان هذا المملوك شاذا فى بلد تسمّى زفتة، فجاء إليه ذلك الرجل الشامى ودفع إليه عدّة مطالعات، وقال له:

هذه من عند الأمير محمد بيك قرابة السلطان الذى أشاعوا قتله، وقد ظهر أنه


(١) ويزين القاهرة: كتبت فى الأصل بعد «بحيلة» فى ص ٢٧٢ س ٢.