والكنابيش فوجد ذلك قد نقص منه أشياء كثيرة. - وفى أثناء هذا الشهر قبض السلطان على شرف الدين بن روق الذى كان قد سعى فى استيفاء الخزائن الشريفة، فلم ينتج أمره فى ذلك ولا عرف يباشر فى مصطلح الخزائن ولا عرف يكتب وصولات الرجعات، وكان رجلا أهوج وعنده خفّة ورهج فلم يرث له أحد فيما جرى عليه، فلما قبض عليه السلطان سلّمه إلى الزينى بركات ابن موسى المحتسب وكان ابن روق هذا زوج أخت علم الدين [الذى] كان متحدّثا فى الخزانة، فلما قبض السلطان على علم الدين واختفى فضمنه ابن روق فى عشرين ألف دينار، فلما قبض السلطان على ابن روق طلب منه ما ضمنه بسبب علم الدين، وكان ابن روق يتّهم بسعة المال، وكان قصده يسعى فى قضاء الشافعية فما تمّ له ذلك ولم يساعده الزمان على ذلك، وكان من أعيان الشافعية ولكن كان أرشل قليل الحظ، كما يقال:
إذا أذن الله فى حاجة … أتاك النجاح بها يركض
فلا رشد إلاّ بتوفيقه … وإن محّض الرأى من يمحض
فمن ذا يدبّرنا غيره … ومن يبرم الأمر أو ينقض
وفى يوم الاثنين تاسع عشرينه حضر جماعة من الأمراء الذين كانوا توجهوا إلى نحو بلاد الصعيد بسبب فساد العربان، وكان الذى توجه من الأمراء المقدمين قانصوه بن سلطان جركس والأمير ماماى جوشن، وغير ذلك من الأمراء العشرات والمماليك السلطانية، فلما طلعوا إلى القلعة أخلع السلطان على الأمراء المقدمين ونزلوا إلى دورهم.
وفى ربيع الآخر فى يوم الأحد سادسه نزل السلطان وتوجه إلى نحو تربة العادل التى بالريدانيّة، وجلس هناك ونصب له سحابة واجتمع حوله الأمراء على المصطبة وحضر الجمّ الغفير من العسكر ومن الناس المتفرّجين، ثمّ جرّبوا قدّامه مكاحل كبار وصغار التى كان سبكهم بالميدان، فكان عدّتهم