أن المغل كان قائما على أصوله فى الأرض لم يحصد بعد، والعسكر لم يقلعوا الصوف، وصار جانى بيك يكبس على بيوت الأمراء العشرات بالطواشية ويقبض منهم الحماية بالعسف، ويرسّم على الخاصكية ويدعهم فى التراسيم بسبب الحماية والشياخة وقدوم الكشاف، ولا يعرف إن كانت البلاد خرابا أو عامرة، فجرى على المقطعين ما لا خير فيه من المغارم والبهدلة. - وفى يوم السبت فى العشر الثالث من هذا الشهر ابتدأ السلطان بضرب الكرة فلعب هو والأمراء بالميدان. - وفى يوم الاثنين رابع عشرينه قبض السلطان على المهتار حسن الشراب دار، ورسم عليه وختم على بيوته وحواصله، وقرّر عليه عشرين ألف دينار فأورد من ذلك نحوا من ثمانية آلاف دينار، وقسط الباقى عليه فى كل شهر ألف دينار على الجوامك، وكتب عليه بذلك التزام، واستمرّ فى الترسيم حتى يغلّق ما كتب عليه، وكان سبب مصادرة المهتار حسن أن شخصا من غلمان الشرابخاناه يقال له أبو الخير الأسمر رافع المهتار حسن عند السلطان، وقال له أن لما قتل الملك الناصر محمد بن الأشرف قايتباى أحضر نجّارا وصنع عدّة مفاتيح للحواصل التى بالقلعة وأخذ منها ما قدر عليه، ومن جملة ذلك سكرجة زمرّد وحمل ما أخذه على بغل من بغال الحمّارة، فلا زال السلطان يفحص عن حقيقة هذا الأمر، فأحضر النجّار الذى صنع المفاتيح فاعترف بذلك وأحضر الحمّار الذى حمّل الحوائج من القلعة فاعترف أيضا بذلك وقال:
ما أعرف ما كان فى العلب (١) الذى حملتهم، فعند ذلك قبض السلطان على المهتار حسن ورسّم عليه وشكّه فى الحديد وقرّر عليه عشرين ألف دينار، فأورد منها سبعة آلاف دينار وكسور وحلف أنه لا يملك غيرها، فلم يقبل منه السلطان ذلك واستمرّ فى التوكيل به حتى يغلق ما قرّره عليه، ثم بعد ذلك بمدّة فعل [ذلك] بمهتاره الحاج على مهتار الخيل وقرّر عليه مالا نحو ذلك، ورسّم عليه حتى يرد ما قرّره عليه من المال، وقيل أنه عرض ما كان فى تسليمه من السروج المغرق