للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرجّت لهم الأسواق وصاروا يتصلّبون بين الدكاكين فما خلصوا إلا بعد جهد كبير، فلما وصلوا إلى بيت الأمير تانى بيك قرا الذى عند حمام الفارقانى فانخسف بإحداهم سراب هناك، فوقعت تلك المكحلة الكبيرة فى السراب فأعيى الناس طلوعها، وأقامت على ذلك إلى قريب المغرب وهى على حالها، وقيل أن السلطان سبك نحوا من سبعين مكحلة ما بين كبار وصغار من نحاس وحديد، فكان منهم أربعة كبار فقيل وزن كل واحدة منهم ستمائة قنطار شامى، فكان طول كلّ واحدة نحوا من عشرة أذرع، فحصل فى ذلك اليوم غاية المشقّة بسبب ذلك، وكان صحبة المكاحل الأمير مغلباى الشريفى الزردكاش فما قاسى فى ذلك اليوم خيرا من التعب الزائد والمشقّة. - وفى يوم الثلاثاء تاسعه توفى الأمير دولات باى قرموط أحد الأمراء المقدّمين، فنزل السلطان وصلى عليه وكان له جنازة حافلة، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباى، وكان موصوفا بالشجاعة، وكان من اعيان المقدمين، وتولى من الوظائف ولاية القاهرة ثم بقى مقدم ألف، وقد توفى من الأمراء المقدّمين خمسة فى مدّة يسيرة، وكانوا من أجلّ الأمراء وأعظمهم، وقد قلت فى ذلك:

إذا صفا الدهر يوما … عن ذلك الصفو يرجع

هل من لبيب تراه … بأيسر العيش يقنع

فكم نرى لأمير … من مصرع بعد مصرع

وفى يوم الخميس حادى عشره عمل السلطان المولد النبوى، وصادف ذلك أنه جاء فى ليلة الجمعة فاجتمع القضاة الأربعة فى ذلك اليوم بالحوش السلطانى، وسائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، وكان مولدا حافلا على جارى العادة. - وفى يوم الأحد رابع عشره نزل السلطان وسيّر إلى نحو المطريّة وكشف على المكاحل التى توجهوا بهم إلى هناك حتى يجرّبوهم، فلما توجّه إلى هناك أقام ساعة وعاد إلى القلعة سريعا. - وفى يوم الاثنين خامس عشره خرج الأمير طومان باى الدوادار وسافر إلى جهة الصعيد بسبب ضمّ المغل؛ وسافر