للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمير أزدمر الدوادار الكبير كان، وكان السلطان قرّر قانصوه هذا فى نيابة عينتاب (١) فسعوا عليه حتى عزل ورجع إلى مصر وهو معزول، بعد أن سعى فى ذلك بمال له صورة فأقام مدّة يسيرة وعزل عنها. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على الرئيس كمال الدين بن شمس المزين وكان من خواصّه، فمنعه من الطلوع إلى القلعة ورسم له بأن يتوجّه إلى بلاده ويقيم بها. - وفى يوم الأحد سابع عشره توفى الأمير عبد اللطيف الزمام، وكان أصله من خدّام الأشرف أينال، وكان ديّنا خيرا ليّن الجانب قليل الأذى، وكان قد كبر سنّه وشاخ وناف عن الثمانين سنة من العمر، وكان رومىّ الجنس أبيض اللون طويل القامة نحيف الجسد. - وفى يوم الأربعاء تاسع عشره تغيّر خاطر السلطان على القاضى أبى البقاء ناظر الاسطبل ومستوفى الخاصّ، فوضعه فى الحديد وعرّاه من أثوابه وكشف رأسه وكان ذلك فى قوّة البرد، فسلّمه إلى الوالى فى ذلك اليوم ونزل من القلعة وهو ماشى عريان (٢) مكشوف الرأس فى الحديد، وحلف السلطان بحياة رأسه أنه لا يلبس أثوابه ولا عمامته حتى يغلق ما قرّره عليه من المال، ورسم للوالى بأن يقعده على البلاط من غير فرش، وهذه ثانى نكبة وقعت لأبى البقا مع السلطان وكان مظلوما مع السلطان فى هذه الواقعة، فإن أمره كان رائجا وله دواليب قصب بدمياط تسدّ ما عليه فوضع السلطان يده على الدواليب وطلب منه بعد ذلك المال الذى قرّره عليه، فحصل له الضرر الشامل بسبب ذلك، فكان كما يقال فى المعنى:

يا من يرى خدمة السلطان عمدته … هل أرش ذلك إلاّ الهمّ والهرم

فقلبه وجل والنفس خائفة … وعرضه عرض والدين ملتئم

هذا إذا كان فى أيام دولته … فكيف بالمرء إن زلّت به القدم

وفيه نفق السلطان الكسوة على العسكر وكانت فى غاية الانشحات من تعطيل المباشرين. - وفى يوم السبت ثانى عشرينه حضر إلى الأبواب الشريفة شخص من


(١) عينتاب: عنتاب.
(٢) عريان: عران.