على السلطان وبّخهم بالكلام واشتدّ غضبه عليهم ورسم بتسليمهم إلى الوالى. - ومما وقع للسلطان فى أمر المصادرات من الغرائب أنه فى أوائل دولته قبض على شموال اليهودى الصيرفى (١) وعاقبه وعصره هو وزوجته، واستخرج منه فوق الخمسمائة ألف دينار، حتى أخذ رخام بيته الذى فى حارة زويلة فوضعه فى مدرسته، واستمرّ يعاقب شموال هو وزوجته حتى ماتا تحت العقوبة، انتهى ذلك. - وفى يوم الثلاثاء المذكور قبض السلطان على شمس الدين بن عوض وعلى ولده ووكّل بهما فى الجامع الذى بالحوش، وكان شمس الدين بن عوض رأس المرافعين فى المباشرين قاطبة وهو غير محبّب للناس. - وفى يوم السبت ثامن عشرينه فيه ثارت فتنة كبيرة من المماليك الجلبان وركبوا وطلعوا إلى الرملة وهم بزموط وكبورة، وكان سبب ذلك أن اللحم الذى كان يصرف للمماليك فى كل يوم تعطّل بواسطة المعلّم على الصغير والمعلّم خضر بسبب ما تقدم لهما، وكان العليق أيضا معطلا، فما طاقوا المماليك ذلك فثارت الفتنة من كل جانب وركبوا على السلطان، وقصدوا قتل الوزير يوسف البدرى فهرب وغيّب من بيته، ثم إن المماليك طلبوا من السلطان تفقة لكل مملوك مائة دينار، وكان للمماليك مدّة يقصدون الوثوب على السلطان فما صدّقوا بأمر اللحم والعليق فجعلوا ذلك حجّة، فلما ثارت هذه الفتنة اضطربت أحوال القاهرة ووزّع الناس قماشهم وغلقت الأسواق والدكاكين خوفا من النهب كما فعلوا المماليك قبل ذلك من أمر النهب كما تقدم لهم، فبات الناس على وجل. - فلما كان يوم الأحد صبيحة ذلك خشى السلطان من اتساع الفتنة فنادى للمماليك بأن ينفق عليهم لكل مملوك مائة دينار فى أول شهر رجب، فلما سمع المماليك ذلك خمدت الفتنة قليلا وسكن الحال بعد ذلك الاضطراب. - وفى هذا الشهر أفرج السلطان عن القاضى شرف الدين الصغير ناظر الدولة وكاتب المماليك وكان له مدّة وهو فى الترسيم بجامع القلعة، وأفرج عن عبد الكريم بن الجيعان وابن عمّه محمد بن