للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأربعاء حادى عشره تسلسل النيل فى الزيادة بعد ما كان قد أشرف على الوفاء، فرسم السلطان لحاجب الحجّاب والوالى بأن يتوجّها ويكبسا على المتفرّجين الذين فى الخيام بالروضة، فتوجّها إلى الروضة أنسباى حاجب الحجّاب ووالى القاهرة، فلم يشوّشوا على أحد من المتفرجين ونادوا بالأمان والاطمان وأنّ أحدا لا يتجاهر بالمعاصى، وخرقوا بعض خيام، وكان يوما مهولا، وسبب ذلك أن النيل كان قد أشرف على الوفاء وبقى عليه من الوفاء خمسة أصابع فزاد فى تلك الليلة أصبعين وتأخّر عن الوفاء ثلاثة أصابع، ثم زاد من بعد ذلك أصبعين وتأخّر عن الوفاء يومئذ أصبعا واحدا فضجّ الناس من ذلك، وأشيع بين الناس أن الروضة كثر فيها الفسق والمعاصى، فعند ذلك رسم السلطان لحاجب الحجّاب والوالى بكبس الروضة، فتوجهوا إلى هناك وكبسوا على الناس الذين بالخيام ولم يفحشوا كل الإفحاش فى ذلك، وكان السلطان قبل ذلك توجّه إلى المقياس وصلى هناك ودعا إلى الله تعالى بالوفاء، ثم إنه رسم للقضاة الأربعة بأن يتوجّهوا إلى المقياس ويباتوا به، وقرؤوا هناك ختمة، ومدّ أسمطة حافلة، واجتمع هناك أعيان الناس من العلماء والفقهاء وغير ذلك من مشاهير الناس. - ثم فى يوم الخميس ثانى عشره نزل السلطان إلى المقياس، فقدّموا له الحراقة المعدة لكسر السدّ فنزل بها وتوجّه إلى المقياس، فطلع من على القصر الذى أنشأه على بسطة المقياس، فأقام هناك إلى بعد الظهر ومدّ هناك مدّة حافلة، ثم نزل من المقياس فى الحراقة وشقّ من برّ الروضة، فارتفعت الأصوات له بالدعاء وانطلقت له النساء من الطيقان بالزغاريت، ولا سيما كانت ليلة وفاء النيل وكانت الروضة فى غاية البهجة وهى محتبكة بالخيام، فكان له يوم مشهود، فاستمرّ شاققا فى البحر حتى طلع من عند قصر ابن العينى، فلما طلع إلى القلعة أوفى النيل فى تلك الليلة، وكسر فى يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى الموافق لخامس عشر مسرى، فاستبشر الناس بنزول السلطان إلى المقياس وكونه أوفى النيل تلك الليلة بقدومه إلى