فتغير خاطر السلطان عليه ولم يقبل له فى ذلك عذرا، وحطّ على قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل بسببه، وكان مجلسا مهولا. - وفى يوم الخميس ثالثه نزل السلطان وشقّ من الصليبة وتوجّه إلى المنشية فكشف عن مراكب عمّرها هناك، ثم توجّه إلى الجزيرة الوسطى وكشف عن قطع الخليج، ودخل من تحت قنطرة قديدار، وشقّ من بطن الخليج وكشف على القطع واستحثّ الناس على ذلك، فبينما هو شاقق من بطن الخليج كبابه الفرس فى جورة من القطع التى هناك، فلم يتأثّر إلى ذلك واستمرّ شاققا من بطن الخليج حتى وصل إلى قناطر الأوز، فطلع من هناك وشقّ من الحسينية ثم دخل من باب النصر أو باب الفتوح وشقّ من القاهرة على حين غفلة، فوقدت له الشموع على الدكاكين، وانطلقت له الزغاريت من النساء فى الطيقان، ثم ارتفعت له الأصوات بالدعاء من العوام، وكان له موكب حافل وقدّامه جماعة من الأمراء والمباشرين، ولكن شقّ من القاهرة وهو لابس تخفيفة صغيرة مملّسة، وسبب ذلك كان قد طلع له دمّل فى رأسه فلم يستطع لبس التخفيفة الكبيرة التى بالقرون الطوال، واستمرّ فى هذا الموكب حتى خرج من باب زويلة وقد زيّنت له، ثم طلع من البسطيين وشقّ من على بيت الظاهر تمر بغا وطلع من هناك إلى الرملة ودخل الميدان، ولم يشق من القاهرة منذ تسلطن سوى فى ذلك اليوم فقط، ومما أحدثه عند دخوله من القاهرة فى ذلك اليوم أنه أمر المشاعلية تنادى قدّامه بالأمان والاطمان والبيع والشراء، وأن أحدا لا يشوّش على أحد، وكان ذلك غاية الخفّة منه وترك هذا كان أوجب. - وفى يوم الثلاثاء ثامنه نزل السلطان من القلعة أيضا وسيّر من على ساحل البحر حتى وصل إلى البهطلة، فقدّمت له الحراقة التى يكسر فيها السدّ، فنزل بها وعدّى إلى المقياس، فطلع من السلّم التى تجاه برّ الجيزة، وتمشّى ودخل إلى المقياس ونزل إلى الفسقية التى يقاس بها النيل فتوضأ منها وطلع وصلى هناك ركعتين، ثم تحوّل ودخل إلى قاعة المقياس فمدّ له هناك علاى الدين ناظر الخاص وبركات بن موسى المحتسب أسمطة حافلة ولم يبقوا فى ذلك ممكنا،