من الحجّاج فى هذه السنة فكان جملة ذلك ألف وثمانمائة إنسان، وكانت سنة شديدة صعبة على الحجّاج والذين سلموا ردّوا ضعاف، حتى قانصوه أمير ركب المحمل ردّ وهو عليل. - وفيه نادى السلطان بأن أصحاب الأملاك التى على الخلجان يقطعون أراضى الخلجان قدر ثلاثة أذرع ونصف، فامتثلوا ذلك، ولكن حصل للناس غاية الضرر من الغرامة والبهدلة من جماعة حاجب الحجّاب بسبب شيل التراب، وكان السلطان نادى بأن الذى يعجز عن القطع يكون بيته للسلطان، فقاست أصحاب الأملاك التى بالجزيرة الوسطى ما لا خير فيه بسبب ذلك. - وفيه جاءت الأخبار صحبة الحجّاج بوفاة هجار أمير الينبع الذى كان السلطان ولاّه أمرة الينبع عوضا عن يحيى بن سبع، وحضر جماعة من أقاربه يسعون فى أمرة الينبع، فتمّ الأمر «مبنىّ على السكون». - وفى يوم الجمعة سابع عشرينه توفى شاهين معلم الدبّوس، وكان أحد الأمراء العشرات، وكان علاّمة فى فنّ الدبّوس. - وفيه توفى معين الدين بن شمس الذى كان وكيل بيت المال ونائب كاتب السرّ، مات بالمقشرة وقد قاسى شدائد ومحنا، وضرب بالمقارع غير ما مرّة وعصر فى أكعابه وأخذ منه جملة مال، وكان غير مشكور فما رثى له أحد من الناس فيما جرى عليه. - وفى يوم الاثنين سلخ المحرّم حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير يوسف الناصرى الذى كان نائب حماة وعزل عنها، فنقل السلطان نائب طرابلس إلى حماة عوضا عن يوسف الناصرى، وقرّر فى نيابة طرابلس أبرك مملوك السلطان الذى كان نائب قلعة حلب، وقرّر فى نيابة قلعة حلب شخص من مماليك السلطان، ولما حضر يوسف الناصرى أخلع عليه السلطان ونزل إلى داره واستمرّ طرخانا.
وفى صفر صعد الخليفة إلى القلعة ليهنّئ بالشهر، وكذلك القضاة الأربعة، فحصل فى ذلك اليوم للقاضى شمس الدين الحليبى غاية المقت من السلطان وكاد يبطش به، وسبب ذلك أنه حكم فى بعض الوقائع بما اعترض عليه فى ذلك