للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شدائد ومحنا، وعصرت فى أكعابها وأكتافها حتى أشرفت على الموت، وسبب ذلك أن زوجها الظاهر قانصوه لما وثبوا عليه وانكسر نزل من القلعة واختفى أيّاما فلم تقرّ بمكانه، فعوقبت بسبب ذلك. - وفى أواخر هذا الشهر نفق السلطان الجامكية الخامسة التى استجدّها بسبب المماليك الذين استجدّهم ما بين تراكمة وأعجام وأولاد ناس وغير ذلك من الطوائف، فجعل لهم جامكية خامسة تصرف لهم على انفرادهم دون جوامك العسكر، وقد تزايد أمر هذه المماليك الأراذل الذين صار يستكثر منهم فى الديوان، ففيهم من لا يعرف يجذب القوس ولا يمسك الرمح، وهذا أمر عجيب، يشحّ فيمن يستحقّ الجامكية، ويعطيها لغير مستحقّها، كما قيل:

إنى أشحّ بدرهم متصدّقا … وأجود فى قدح بما ملكت يدى

وفيه وصل إلى السلطان فيل صغير غير ذلك الفيل المقدم خبره لما وصل. - وفيه توفى تانى بيك النجمى المعروف بالأبح الذى كان شاد الشون وصرف عنها، وكان من الأمراء الطبلخانات، وكان لا بأس به. - وفى عقيب ذلك توفى أيضا شخص من الأمراء العشرات يسمّى تمراز الشهابى.

وفى ذى الحجّة كان مستهلّ الشهر يوم السبت، فعمل السلطان الموكب بالشاش والقماش وجلس على المصطبة التى أنشأها بالحوش مكان الدكّة، وقد تقدم ذكر ذلك، وكان سبب هذا الموكب أن السلطان أخلع على خاير بيك نائب حلب وأذن له بالسفر إلى محلّ ولايته بحلب على عادته، وأخلع فى ذلك اليوم على الأمير طومان باى الدوادار وخرج إلى السفر نحو الشرقية والغربية، وقد غيّب لأجل أمر الأضحية ولعله يغيب فى هذه السفرة نحوا من شهرين. - وفى ذلك اليوم طلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وكان موكبا حافلا، ولا سيّما كان أول جلوس السلطان على هذه المصطبة فكان لها موقع عظيم. - وفيه أمطرت السماء مطرا غزيرا حتى أوحلت منه الأسواق والشوارع، وكان ذلك ليلة الأحد ثانيه، ولم يقع فى هذه السنة من الأمطار أعظم من هذه المطرة. - وفيه عيّن