للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكان سقطت فيه فوجدوها قد ساخت فى الأرض على قدر قامة، فنبشوا عليها فوجدوها قد بقيت قطعة حديد قدر مائة وخمسين منا، وهى أجزاء جاروشيّة صغار مستديرة قد التصق بعضها ببعض، فسمع بذلك السلطان محمود بن سبكتكين صاحب خراسان، وهو أول من تلقّب بالسلطان، فكتب إلى عامل جرجان ينقل هذه القطعة الحديد فتعذّر عليهم نقلها، فحاولوا كسر قطعة منها فلم تعمل فيها الآلات، فعولج كسر قطعة منها بعد جهد كبير فحملت إليه، فرام أن يصنع منها سيفا له فتعذّر عليه ذلك ولم يتمّ له ما أراد، انتهى ذلك. - وفى يوم السبت ثالث عشرينه نزل السلطان إلى الميدان وعرضوا عليه قناصلة الفرنج، منهم القنصل الذى بثغر الإسكندريّة، والقنصل الذى بدمشق، والقنصل الذى بطرابلس، فلما وقفوا بين يديه وبّخهم بالكلام ووعدهم بالشنق، وسبب ذلك أن نائب البيرة [قبض] على دواسيس من عند إسمعيل الصوفى وعلى أيديهم مكاتبات إلى القناصل بأن يكاتبوا ملوك الفرنج بأن يأتوا فى مراكب من البحر، وأن يزحف هو ومن معه من العساكر من البرّ على سلطان مصر وعلى ابن عثمان ملك الروم، فانكشف رخهم وافتضحوا فى هذه الواقعة، فرسم السلطان بتسليمهم إلى ناظر الخاصّ ليقرّرهم (١) عن حقيقة ذلك وإن لم يقرّوا يسلّمهم إلى الوالى، فانفضّوا على ذلك. - وفى ذلك اليوم عرض السلطان الدنوشرى مباشر الأتابكى قرقماس وقد غمز عليه بأن عنده مالا لأمير كبير، فلما عرضه لم يقرّ بشئ فرسم بتسليمه إلى نقيب الجيش فقبض عليه وعلى الخازندار أيضا، واستمرّوا فى الترسيم لما تقتضيه الآراء الشريفة فى أمرهما. - وفى ذلك اليوم توفيت خوند جان كلدى زوجة الملك الظاهر قانصوه المسجون بثغر الإسكندرية، [فأخرجت وعلى نعشها بشخانة زركش] (٢)، وكانت ذات عقل ودين لا بأس بها، ولكن قاست


(١) ليقررهم: ليقدرهم.
(٢) فأخرجت … زركش: جاءت بعد «وعصرت» فى ص ٢٠٦ س ١.