تحوّل ودخل إلى البحرة التى بالميدان ومدّ إلى نائب حلب هناك أسمطة حافلة. - وفى ذلك اليوم رسم السلطان بشنق ثلاث جوار وغلام قد قتلوا سيّدتهم، وهى أم كسباى الذى كان دوادارا ثانيا وقتل فى معركة قانصوه خمسمائة كما تقدم ذكر ذلك، فشنقوا على باب سيّدتهم فى مكان قتلوها فيه. - وفيه نزل السلطان من القلعة وصحبته الأمراء المقدّمون قاطبة وعليهم كوامل الشتاء التى ألبسها لهم السلطان، وصحبته أيضا أعيان المباشرين، فشقّ من الصليبة وتوجّه من على قناطر السباع إلى الجزيرة الوسطى، ثم أتى إلى بولاق ومرّ من على الرصيف ووقف عند مدرسة ابن الزمن وزار سيّدى سويدان الذى هناك مقيما بالمدرسة، ثم عرّج من على جزيرة الفيل وأتى إلى شبرا، واستمرّ على ذلك حتى وصل إلى قناطر أبى المنجا حتى كشف على الأخشاب التى أرسلها ابن عثمان وكانت هناك فى حاصل، ثم رجع من على المنية وطلع من على قنطرة الحاجب ودخل من باب الشعرية، فزيّنوا له الخشابين وارتفعت له الأصوات بالدعاء وانطلقت له النساء بالزغاريت من الطيقان، ثم خرج من باب القنطرة وعرّج من بين الصورين وطلع من باب الخرق وشقّ من سوق تحت الربع، ثم طلع من على البسطيين واستمرّ على ذلك حتى طلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود، ومن حين سلطنته إلى ذلك اليوم لم يقع له موكب مثل ذلك. -[وفى هذه السنة تعطّبت سائر الفواكه، حتى البطيخ والثوم والبصل وغير ذلك من الفواكه والخضر، حتى الرياحين والأزهار والغلال وكانت غالب الأراضى مجدبة](١). - وفيه قبض السلطان على شرف الدين الصغيّر كاتب المماليك وعلى شرف الدين النابلسى الأستادار، وقرّر عليهما مالا له صورة ووضعهما فى الحديد وسجنهما بالعرقانة، واستمرّوا على ذلك حتى يكون من أمرهما ما يكون. - وفى يوم السبت سادس عشره حضر قاصد من عند ابن عثمان ملك الروم وعلى يده مكاتبة للسلطان، فلما ناولها له قبّلها السلطان ووضعها على عينيه، ثم ناولها إلى كاتب السرّ فقرأها بحضرة السلطان والأمراء،
(١) وفى هذه السنة … الأراضى مجدبة: جاءت بعد قوله «وكانت هناك» فى سطر ١٠.