للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راكب، فخطب قاضى القضاة الشافعى خطبة بليغة مختصرة، ثم انقضى أمر الصلاة وعاد السلطان إلى القبّة التى أنشأها الأشرف جان بلاط بجوار الدهيشة فأقام بها. - وفيه توفى قاضى قضاة غزّة شمس الدين محمد بن النحّاس الشافعى، وكان من خواصّ السلطان، وكان لطيف الذات عشير الناس رئيسا حشما، وكان لا بأس به. - وفيه وصلت عدّة مراكب من عند ابن عثمان ملك الروم فيها زردخاناه للسلطان، فوصلت إلى بولاق عند الرصيف وشرعوا يحوّلون ما فيها إلى القلعة، فكان من جملة ذلك مكاحل سبقيات العدّة ثلاثمائة، ونشّاب ثلاثين ألف سهم، وبارود مطيّب أربعون قنطارا، ومقاذيف خشب العدّة ألفى مقذاف، وغير ذلك من نحاس وحديد وعجل وحبال وسلب ومراسى حديد وغير ذلك مما تحتاج إليه المراكب، فشكره السلطان على ذلك، وكان السلطان أرسل مالا على يد يونس العادلى إلى بلاد ابن عثمان ليشترى له بها أخشابا ونحاسا وحديدا، فلما بلغ ابن عثمان ذلك ردّ عليه المال وجهّز ما ذكرناه من عنده تقدمة للسلطان.

وفى ذى القعدة جاءت الأخبار من بلاد الغرب بأن صاحب تلمسان تحارب مع الفرنج وقتل منهم نحوا من عشرين ألف إنسان، واستخلص منهم ما كان قد استولوا عليه من جهات الأندلس (١) وغيرها، فسرّوا الناس قاطبة لهذا الخبر. - وفيه فى يوم الاثنين حادى عشره نزل السلطان إلى الميدان وعزم على خاير بيك نائب حلب واجتمعوا الأمراء المقدّمون، وساقوا قدّامهم فى ذلك اليوم الرمّاحة وهم لابسون الأحمر وآلة السلاح كما يفعلون فى أيام دوران المحمل، وكان معلّم الرماحة الأمير تمر الحسنى أحد المقدّمين المعروف بالزردكاش ومعه أربعة باشات، فساقوا أحسن سوق ونزلوا عن خيولهم وباسوا الأرض للسلطان على جارى العادة، فأخلع على المعلّم وأركبه فرس بسرج ذهب وكنبوش، وأخلع على الأربعة باشات، ثم أخلع فى ذلك اليوم على الأمراء المقدّمين كوامل الشتاء، ثم


(١) الأندلس: الأندليس.