للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما عن قريب حتى تغيّر خاطر السلطان عليه ورافعوه جماعة وأثخنوا جراحاته عند السلطان، فغضب عليه وسلّمه إلى الأمير مغلباى الزردكاش فظفر به واشتفى منه، فكان كما يقال فى المعنى:

قل للعذول يرعوى … وينتهى عن عتبه

ولا يكون فى الهوى … يشمت بى أشمت به

وفيه وقعت نادرة غريبة وهو أن شخصا من المماليك السلطانية يقال له شاهين، وهو فى سنّ الشيخوخة، قصد الحجّ فى هذه السنة، فخرج هو وزوجته إلى بركة الحاجّ، ثم عرض له حاجة فى بيته فرجع تحت الليل، فخرج عليه جماعة من العربان فقتلوه عند سبيل علان، فحملوه وأتوا به إلى داره حتى غسلوه وكفنوه ودفنوه، فرجعت زوجته من بركة الحاجّ ولم يقسم لهما الحج فى هذه السنة، حتى عدّ ذلك من النوادر. - وفيه طلعت إلى السلطان تقدمة حافلة من عند نائب حلب وهى أطباق فيها ذهب عين ومماليك جراكسة نحوا من ثلاثة وأربعين مملوكا، ومن الخيول خمسين فرسا منهم فرس بسرج بلور وكنبوش ذهب وأنعاله من الذهب قيل أن مشتراه ألف دينار، وعدّة حمّالين عليها زرديات وصوف وصمّور ووشق وسنجاب وغير ذلك من الأصناف الفاخرة. - وفيه نفق السلطان الجامكية على العسكر، وجعل للماليك الذين استجدّهم طبقة جامكية خامسة فى أواخر الجوامك تصرف لهم على انفرادهم. - وفيه غيّب المعلّم على الصغيّر، وكان السلطان قرّر عليه مالا لم يقدر عليه فهرب، وقرّر عوضه المعلّم خضر، وقد تعطّل اللحم فى هذه الأيام إلى الغاية. - وفيه توعّك جسد السلطان وأفصد واحتجب عن الناس ولم يخرج إلى صلاة الجمعة، فكثر القيل (١) والقال بسبب ذلك، واستمرّ منحجبا أيّاما فطلع إليه الخليفة المتوكل على الله وعاده، ثم طلع إليه القضاة الأربعة وعادوه، ثم بعد أيّام شفى وخرج إلى صلاة الجمعة وهو


(١) القيل: القليل.