للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحدّ. - وفيه فى ليلة الأحد خامس عشره خسف جرم القمر وأقام فى الخسوف نحو أحد وأربعين درجة. - وفى يوم الاثنين سادس عشره تسحّب جمال الدين الزغلى من المقشرة وهرب، وكان التزم بدار الضرب وقرّر عليه للسلطان فى كل شهر مال له صورة، فأتلف سائر المعاملة من الذهب والفضّة وظهر بها الزغل كالشمس حتى ضجّ من ذلك سائر الناس والأمراء، وصارت معاملة السلطان لا تمشى فى غالب البلاد، وامتنع الذهب البرسبية والجقمقى والأينالى والخشقدمى والقايتبية، وصار الذهب الغورى والفضّة هى التى عليها العمل مع ما بها من الغشّ الفاحش، فلما تزايد الأمر فى ذلك شكا بعض الأمراء هذا الحال إلى السلطان، فقبض على جمال الدين الزغلى وضربه ضربا مبرحا وسجنه بالمقشرة فأقام بها أيّاما وهرب، فلما هرب مقت السلطان قانصوه أبو سنّة الوالى بسبب ذلك وقصد الإخراق به ثم قرّر عليه خمسة عشر ألف دينار، وهربوا معلمين (١) المقشرة واختفوا، وضرب بسبب ذلك يحيى بن نوكار دوادار الوالى، وحصل على جماعة من الناس بسبب جمال الدين الزغلى ما لا خير فيه كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه. - وفى يوم الأربعاء ثامن عشر صفر وصل قرقد بيك بن عثمان إلى شبرا، وهو قرقد بن أبى يزيد بن محمّد بن مراد بيك المتصل النسب إلى جدهم عثمان، فلما وصل إلى شبرا أخلى له السلطان قاعات البرابخية التى ببولاق ورسم لناظر الخاص بأن يحضر إليه جميع ما يحتاج له من فرش وأوان وصينى وغير ذلك من الاحتياج، فخرج جماعة من الأمراء إلى ملاقاته، وكان السلطان رسم للكشّاف ومشايخ العربان بأن يلاقوه بطول الطريق ويصنعوا له الأسمطة والمدّات الحافلة، فأرموا على بلاد المقطعين أشياء كثيرة من أغنام وأوز ودجاج وغير ذلك، فاستمرّ على ذلك حتى وصل إلى قاعات البرابخية وهو فى الحراقة التى يكسر فيها السدّ، فلما دخل البرابخيّة مدّ له السلطان هناك مدّة حافلة، ثم توجّه إليه الأتابكى قرقماس والأمراء المقدمين قاطبة فسلّموا عليه، ثم


(١) وهربوا معلمين: كذا فى الأصل، وهو باللغة الدارجة.