وكان لا بأس به. - وفى يوم الاثنين رابعه حضر القضاة الأربعة والخليفة يعقوب وولده محمد وابن عمهم خليل، وكان الخليفة يعقوب عهد لولده محمد بالخلافة عند ما حصل له ذلك [فى] المجلس المقدّم ذكره، فعرض ذلك العهد على قاضى القضاة الشافعى كمال الدين الطويل، وكان الخليفة عبد العزيز عهد بالخلافة من بعده لولده يعقوب ثم من بعده لولد ولده محمد، فلما وقف قاضى القضاة على هذين العهدين قال الحقّ للناصرى محمد بن الخليفة يعقوب، ثم إن الخليفة قال للسلطان أنا قد شخت وكبر سنّى وقد عزلت نفسى من الخلافة وعهدت إلى ولدى بالخلافة فإن شاء السلطان يوليّه أو لا، فقال السلطان قد وليّت ولدك وساعدته الأمراء على ذلك، فتقدّم كاتب السرّ محمود بن أجا واسترعى الشهادة على السلطان بولاية الناصرى محمد بن يعقوب، ثم خطب خطبة بليغة وقال يا مولانا السلطان نشهد عليك أنك وليّت الخلافة للناصرى محمد بن الخليفة يعقوب، فقال نعم، فشهدوا القضاة عليه بذلك، فقام الخليفة يعقوب ووادع السلطان فأكرمه وعظّمه ونزل إلى داره وهو فى غاية العزّ والعظمة، وألبسه السلطان سلارى صوف أبيض بصمور من ملابيسه، وألبس سيدى خليل أيضا سلارى من ملابيسه، وألبس ولديه أيضا سلارين بسنجاب، ثم أحضروا للناصرى محمد شعار الخلافة فأفيض عليه وتلقّب بأبى عبد الله المتوكّل على الله، فولاّه السلطان الخلافة على أتمّ وجه (١) جميل، ولم يراع من الأنام خليل، فكان السادس عشر من خلفاء بنى العباس بمصر، فلما لبس الشعار جلس بين يدى السلطان، ثم إن القضاة شهدوا عليه بأنه فوّض للسلطان الملك الأشرف قانصوه الغورى ما فوضه إليه والده المستمسك بالله يعقوب، فقال نعم، ثم قام وقد ارتفعت الأصوات للسلطان بالدعاء كون أنه لم يخرج الخلافة عنهما، وكان ابن عمّهم خليل، سعى على الخلافة بمال جزيل، فلم ينل من ذلك مناه، فما كان