للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعل هذه الفعلة فوسّطه فى الرملة حتى خمدت هذه الفتنة قليلا. - وفى يوم الاثنين سادس عشره دخل القاضى علاى الدين ناظر الخاصّ. وقد تقدّم أنه توجّه إلى جدّة بسبب تجهيز المراكب صحبة العسكر الذى توجّه إلى عدن بسبب تعبّث الفرنج هناك، فلما تمّ أمره من جدّة وقصد الرجوع إلى مصر أرسل صحبته الشريف بركات أمير مكة رأس مالك بن الرومى أمير خليص، وعدة رؤوس ممن قتل معه من العربان فى المعركة كما تقدّم، فكان عدّتهم نحوا من تسع وعشرين رأسا، فارتجّت لهم القاهرة وأشهروا على رماح، فلما عرضوا على السلطان وهو بالميدان أخلع على ناظر الخاصّ كاملية مخملا أحمر بصمور وأركبه فرسا بسرج مغرق وكنبوش، وتوجّه إلى داره فى موكب حافل وصحبته قضاة السلطان، ورسم بأن تعلّق تلك الرؤوس على أبواب القاهرة. - وفى يوم السبت سابع عشرينه نزل السلطان إلى الميدان وعزم على قاصد الصوفى هناك، وأحضر قدّامه مماليكا يرمون بالنشّاب على الخيل وهم بآلة السلاح فأظهروا فى فنون النشّاب أشياء غريبة، وأحرق قدّام القاصد إحراقة نفط بالنهار، ثم مدّ له أسمطة حافلة وأخلع عليه وعلى جماعته، وأذن لهم بالعود إلى بلادهم فسافروا فيما بعد. - وفيه كانت واقعة الناصرى محمد بن بنت جمال الدين الأستادار مع الناصرى محمد بن قجق نديم السلطان، وملخّص هذه الواقعة أن محمد بن بنت جمال الدين كان له عبد حبشى فأفسد جارية لمحمد بن قجق فشكاه للسلطان، فطلب ابن بنت جمال الدين وقصد الصلح بينه وبين ابن قجق وأن يرضيه فى جاريته، فتواحش ابن بنت جمال الدين فى حقّ ابن قجق وسبّه فى مجلس السلطان، وكان ابن بنت جمال الدين أهوج أحمق رهاجا، فلما جرى ذلك تغير خاطر السلطان عليه ورسم بتسليمه إلى نقيب الجيش، فاتّسعت هذه الواقعة على ابن بنت جمال الدين وقرّر (١) عليه السلطان عشرة آلاف دينار، فاستمرّ فى الترسيم وضرب فى بيت الوالى وباع جميع موجوده ولم يف بهذا القدر، وآخر الأمر رسم السلطان بنفيه إلى الواح فنفى وجرى


(١) وقرر: وقدر.