للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقاليع فسقط بينهم ساقط، فاتسعت الفتنة واستمرّت على ما ذكرناه ثلاثة أيام متوالية، فلما بلغ السلطان ذلك تنكّد وكانت الجوابر فى حماية الأتابكى قرقماس والنفر فى حماية قانى باى قرا أمير آخور كبير، فتعصّب كل منهما لجماعته فتحير بينهما السلطان، وراح على الناس ما نهب لهم فى هذه الحركة، انتهى ذلك.

وفى رجب كان انتهاء العمل مما جدّده السلطان من العمارة بالقصر الكبير، فلما تمّ ذلك صنع به وليمة حافلة وعزم على القضاة الأربعة والأمراء المقدّمين وأرباب الوظائف من المباشرين، وأحضر قرّاء البلد قاطبة والوعّاظ، ومدّ به أسمطة حافلة وبات تلك الليلة هناك. - وفيه نزل السلطان إلى خلف القلعة عند قبّة الهوى وجرّبوا قدّامه مكاحل نحاسية كان سبكها، فأقام هناك ساعة يسيرة ثم عاد إلى القلعة. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على عبد العظيم الصيرفى فضربه ووكل به ثلاثة من المماليك الخاصكية، وسبب ذلك أن العسكر تضرّر من كثرة الفضّة النحاس التى يجدونها فى الجامكية فشكوه إلى السلطان، فقبض عليه وقرّر (١) عليه مالا له صورة بسبب ذلك.

وفى شعبان حضر قاصد من عند إسمعيل شاه الصوفى وعلى يده مكاتبة يذكر فيها أن الذى وقع من عسكره فى دخولهم إلى أطراف بلاد السلطان لم يكن ذلك عن إذنه ولا علم بذلك، فأكرم السلطان ذلك القاصد وأوكب له بالحوش موكبا حافلا، وكان هذا القاصد هو وجماعته فى غاية الغلاسة، وعلى رؤوسهم طراطير حمر ليس عليهم رونق بخلاف قصاد ابن عثمان. - وفيه وقعت فتنة مهولة بين مماليك السلطان وبين مماليك الأمير خاير بك الخازندار بسبب حمير النقارة، فقتل من مماليك السلطان مملوك فتعصّب له خشداشينه ونزلوا من الطباق مشاة وتوجهوا إلى بيت خايربك ونهبوا ما فيه وأحرقوا بابه، فهرب منهم واختفى وطلع إلى السلطان وقد اتسعت هذه الفتنة، فلما جرى ذلك أرسل السلطان قبض على مملوك خايربيك الذى


(١) وقرر: وقدر.