للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاة الأربعة وسائر الأمراء وأعيان الناس، وكان الأمير طومان باى يومئذ فى غاية العظمة وقد جمع بين شادية الشرابخاناه وتقدمة ألف. - وفيه رسم السلطان بشنق شخص يسمّى عمر وكان مباشرا بالواح فشنق على باب زويلة، وشنق معه شخص آخر يسمّى الشيخ حسن من مباشرى الواح أيضا. - وفى أواخر هذا الشهر رسم السلطان بعقد مجلس فى الميدان؛ فاجتمع هناك القضاة الأربعة، وذلك بسبب شخص يسمّى شمس الدين بن أبى عبيد، وقصّته مشهورة بين الناس، فوقع فى ذلك المجلس بسببه بين القضاة ما لا خير فيه وآل أمره بأن السلطان رسم بعزله عزلا مؤبّدا، وانفصل المجلس على ذلك.

وفى جمادى الآخرة قلع السلطان البياض ولبس الصوف، وقد خالف العادة فلبس الصوف فى سادس عشرين بابه قبل دخول هاتور بأربعة أيام، ولم يكن الحال يقتضى ذلك ولا أفرط البرد فى تلك الأيام فعدّ ذلك من النوادر ولم يعلم ما سبب ذلك. - وفيه وقعت نادرة غريبة وهو أن شخصا من أبناء التجار يقال له عمر بن عبد اللطيف، وكان والده من أعيان التجار، فأشيع عنه أنه قد قتل زوجته فى بتيّة خشب وأحرقها بالنار لأمر وقع منها، وكانت هذه الواقعة برشيد، فلما بلغ السلطان ذلك أحضره فى الحديد، فلما حضر عاقبه على ذلك أشدّ العقوبة فلم يقرّ بشئ فاحتاط على موجوده جميعا وأسلب نعمته وكان فى سعة من المال، ثم سجنه وأقام به مدّة طويلة نحوا من أربع سنين وقاسى شدائد ومحنا وأمره مشهور. - وفيه أنعم السلطان على أركماس من طراباى الذى كان نائب الشام وحضر إلى القاهرة بتقدمة ألف وجعل له مرتّبا على الذخيرة من غير إقطاع، ورتّب فى كل شهر له ألف دينار وفى كل سنة ألف أردب قمح، ورسم له بأن يقف فى المواكب فوق الأمير طراباى رأس نوبة النوب، وأحضر له تخفيفة من تخافيفه التى بالقرون الطوال فألبسها له، وقلع من عليه سلارى وشق وألبسه له، فحصل له فى ذلك اليوم غاية (١) الجبر من السلطان، واستمرّ ساكنا بالأزبكية. -


(١) غاية: فى غاية.