كان بها وقد تعين باش التجريدة إلى الحجاز. - وفيه وقع أن شخصا من الأتراك، يسمّى ماماى الداودى، أبو الأمير أبى يزيد أحد المقدّمين، ضرب شخصا من تجّار الأروام بسبب مشترى بغل، فلما ضربه سال دمه فطلع التاجر شكاه إلى السلطان فرسم لنقيب الجيش بالقبض عليه وأن ينفيه إلى الواح، فلما قبض عليه نقيب الجيش هرب من عنده تلك الليلة فحصل على نقيب الجيش ما لا خير فيه بسببه، فلما هرب ماماى المذكور اختفى الأمير أبو يزيد بسبب ذلك، ثم إن ماماى توجّه إلى الأتابكى قرقماس ليشفع فيه عند السلطان فطلع به وقابل السلطان، فحطّ عليه وقصد ضربه ثم رسم بنفيه إلى الواح، وكان ماماى هذا من شرار المماليك وكان مشدا على جهات المكوس بقطيا. - وفى هذا الشهر وقع الاضطراب بين الأمراء وأشيع أمر الوثوب على السلطان بسبب الأمراء الذين رسم بنفيهم كما تقدّم؛ وقد صمّم على نفيهم لأمر أوجب ذلك. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على الزينى فرج الحاجب ورسم بتسليمه إلى بركات بن موسى، وقرّر عليه عشرة آلاف دينار، ثم آل أمره إلى أن حطّ عنه خمسة آلاف دينار ويرد خمسة آلاف، فأباع جميع قماشه ورزقه وما يملكه وأقام مدّة طويلة وهو فى التوكيل به وقاسى شدائد ومحنا عظيمة، وسبب ذلك أن أنصباى حاجب الحجاب أمره أن يحرس بعض الجسور فى أيام النيل فامتنع من ذلك فطلع أنصباى وشكاه إلى السلطان فجرى عليه ما جرى، وموجب هذا كلّه خسّة نفسه وشحّه أوجب ذلك، كما يقال:
وربّ جار لنا شحيح … ليس له بالجميل عاده
أعظم شئ تراه منه … مسّاكم الله بالسعاده
وفيه جلس السلطان بالحوش وأحضر المصحف العثمانى وحلّف عليه سائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، وموجب ذلك كثرة الإشاعات بأمر الوثوب على السلطان. - وفى ذلك اليوم أخلع على الأمير نوروز أغات أزدمر الدوادار وقرّره تاجر المماليك عوضا عن الامير جان بردى المغضوب عليه. - وفيه أخلع