للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ذى القعدة ركب القاضى كاتب السرّ محمود بن أجا وطلع إلى القلعة، وكان له مدّة طويلة وهو منقطع فى داره بسبب توعّك جسده حتى شفى، فلما طلع إلى القلعة أخلع عليه السلطان ونزل من القلعة فى موكب حافل وقدّامه القضاة الأربعة وأعيان المباشرين قاطبة. - وفيه جاءت الأخبار بوصول الأمير جانم المصبغة الذى كان حاجب الحجّاب بمصر وخرج مع الأمير أقبردى الدوادار لما انكسر، فلما مات أقبردى أقام جانم هذا بدمشق وقد نسى أمره مدّة طويلة فشفع فيه بعض الأمراء فرسم السلطان بإحضاره إلى القاهرة، فلما وصل إلى غزة مرض واستمر عليلا حتى دخل خانقة سرياقوس فمات بها ولم يدخل إلى القاهرة، فلما مات هناك حملت جثّته ودفن بالصحراء، وكان أميرا جليلا رئيسا حشما وولى عدّة نيابات سنيّة ثم بقى حاجب الحجّاب بمصر، وكان من حلف أقبردى الدوادار، وجرى عليه شدائد ومحنا، وفاته القتل مرارا عديدة، وكان من خيار مماليك الأشرف قايتباى. - وفيه سافر تغرى بردى الترجمان إلى نحو بلاد الفرنج وأخذ معه كتاب البترك؛ وكان قد تزايد تعبّث الفرنج بالسواحل وأخذ أموال التجّار. - وفى يوم الخميس ثانى عشرينه أخلع السلطان على قاضى القضاة الشافعى محيى الدين عبد القادر بن النقيب وأعاده إلى قضاء الشافعية عوضا عن جمال الدين القلقشندى بحكم صرفه عنها، فكانت مدة برهان الدين (١) القلقشندى فى القضاء نحوا من ستة أشهر وقد سعى فيها بثلاثة آلاف دينار، ثم سعى عليه ابن النقيب بخمسة آلاف دينار وغرم نحوا من ألفى دينار للذى سعى له من الأمراء وغيرهم، وكان الساعى له الأمير أزدمر الدوادار وغيره من خواص السلطان، وهذه ثالث ولاية وقعت لابن النقيب بمصر، وقد نفذ منه مال له صورة على ولاية القضاء ولم يقم بها فى الثلاث مرّات إلاّ مددا يسيرة ويعزل عنها، فكان كما يقال فى المعنى:


(١) برهان الدين: كذا فى الأصل، ويقصد جمال الدين.