للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تغلّبت على الخلفاء طائفة من العربان يقال لهم القرامطة، وكان أميرهم شخصا يسمّى أبو ظاهر القرمطى، وكان يدّعى أنّه علوىّ من أولاد الإمام على ، وكان يقول نحن أفضل من بنى العباس، وكانت هذه القبيلة دون الألف إنسان، وكان أبو ظاهر القرمطى خارجيّا سفّاكا للدماء جاهلا، وكانت قبيلة هذه القرامطة يسكنون بهجر، فلما خرج ركب الحاجّ من بغداد وكان أمير الركب يسمّى منصور الديلمى، فلما وصل بالحاج إلى مكة وأقام بها إلى يوم الصعود هجم عليهم أبو ظاهر القرمطى بمن معه من العربان فقتل محارب أمير مكة وقتل منصور الديلمى أمير الركب ونهب جميع الأموال التى بمكة وقتل الحجّاج عن آخرهم وأسر النساء والصبيان الصغار، فكان عدّة من قتل فى هذه الحركة نحوا من خمسة وثلاثين ألف إنسان، وطرح غالب القتلاء ببئر زمزم حتى امتلأت بالقتلاء، ثم دخل إلى البيت الشريف وأخذ ما كان فيه من القناديل الذهب والفضّة، وقلع باب الكعبة الشريفة وقلع الحجر الأسود وعرى الكعبة ونزع الكسوة عنها، وكانت هذه الحادثة من أجل المصائب وأعظمها، ثم إن أبا ظاهر القرمطى نقل ما نهبه من الأموال وغيرها إلى هجر، واستمرّ الحجّ منقطعا من بغداد وغيرها من البلاد نحوا من عشرين سنة لم يحجّ فيها إلى البيت أحد، فلما كانت خلافة الراضى بالله أحمد بن المقتدر مشى أبو على بن يحيى العلوى بين طائفة هذه القرامطة وبين الخليفة بالصلح حتى أذنوا للناس بالحجّ، وجعلوا على الحجّاج فى كل سنة نحوا من خمسين ألف دينار تعطى حتى يمكنوهم من الدخول إلى مكة، وهذا أول مكس أخذ على الحجّاج من يومئذ، وكان ذلك فى سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة، وقيل أن أبا على بن يحيى العلوى تلطّف بالقرامطة حتى ردّوا الحجر الأسود وباب الكعبة إلى مكانهما بعد جهد كبير، أورد ذلك ابن الجوزى، انتهى ما أوردناه من هذه الواقعة ومن هنا نرجع إلى أخبار دولة الغورى.