وفاته. - وفيه حضر شخص من فقراء الصعيد يقال له مهدى، فلما مثل بين يدى السلطان قامت عليه البيّنة بأنه زنديقا ساحرا يتوضّأ باللبن ويستنجأ به، وذكروا عنه أشياء كثيرة من هذا النمط تخالف الشريعة، فأرسله السلطان إلى قاضى القضاة المالكى فحكم بكفره بموجب ما قامت به عليه البيّنة وضرب عنقه تحت شبّاك المدرسة الصالحية بعد أن أشهروه على جمل وهو عريان. - وفيه كان دخول الأمير طراباى رأس نوبة النوب على أخت خوند الخاصبكية وهى زوجة الأمير أقبردى الدوادار، فكان لهما مهمّا حافلا. - وفيه خرج قانى باى العثمانى الذى قرّر فى نيابة صفد إلى محل ولايته بها. - وفيه وقعت نادرة لطيفة وهو أن الشيخ جمال الدين السلمونى الشاعر هجا القاضى معين الدين بن شمس وكيل بيت المال هجوا فاحشا، فمن جملة ذلك هذا البيت:
وحرفته فاقت على كل حرفة … يركّب ياقوتا على فصّ خاتمه
فلما بلغ معين الدين ذلك شكا السلمونى إلى السلطان فقال له إن وجب عليه شئ بالشرع أدبه، فنزل وضع السلمونى فى الحديد وأتى به إلى بيت قاضى القضاة الحنفى عبد البرّ بن الشحنة وادّعى عليه، فضربه عبد البرّ وعزّره وأشهره على حمار وهو مكشوف الرأس. وقد ورد فى بعض الأخبار أن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب ﵁ أول من عاقب على الهجاء، وقد قال بعض شعراء العصر فى واقعة السلمونى بيتين هما:
وشاعر قد هجا شخصا فحل به … من حاكم الشرع توبيخ وتعزير
فأشهروه وجازوه بفعلته … تبّا له شاعر بالهجو مشهور
فلما بلغ السلطان ما فعله معين الدين بن شمس بالسّلمونى شقّ ذلك عليه ووكّل به وأمر بقطع لسانه، فإنّه قال السلطان رسم لى بأن أشهر السلمونى، ولم يكن السلطان رسم بشئ من ذلك، واستمرّ ابن شمس فى الترسيم مدّة طويلة حتى تراضى السلطان بمال له صورة حتى رضى عليه وألبسه خلعة.