ومن الحوادث أن فى يوم الاثنين سادس عشر رجب قبض السلطان على الأتابكى قيت الرجبى وهو واقف بالحوش بين الأمراء فأدخلوه قاعة البحرة، وقبضوا معه على الأمير أزبك المكحّل، فكثر القيل والقال فى ذلك اليوم، ثم إن السلطان نادى فى القاهرة بالأمان والاطمان والبيع والشراء فسكن ذلك الاضطراب قليلا، وكان الأتابكى قيت ظالما غاشما عسوفا واسطة سوء (١) قليل الخير كثير الأذى، وهو الذى كان سببا لأخذ أجرة الأملاك سبعة أشهر، وكذلك خراج الإقطاعات والرزق عن سنة كاملة، ثم تسبّب فى قطع جوامك أولاد الناس والأيتام والنساء، وحصل منه غاية الضرر للناس قاطبة، وكان إذا استعمل صنايعيا يقطع أجرته، وقد اجتمع فيه أشياء كثيرة من المساوى وقد اسودّ وجهه من كثرة المظالم، فكان كما يقال فى المعنى:
يا مشبها فى فعله لونه … لم تخط ما أوجبت القسمة
فعلك من لونك مستخرج … والظلم مشتقّ من الظلمة
ولما قبض السلطان على قيت ووبّخه بالكلام أنكر ما نقل عنه، فأحضر له السلطان عدّة مراسيم بما كان يكاتب بها النوّاب بما نقل عنه، فعند ذلك تبيّن صحّة ما نقل عنه وافتضح بين الأمراء، وكان سبب تغير خاطر السلطان على الأتابكى قيت الرجبى أنه كان له الغرض التامّ بأن يتسلطن، فكاتب سيباى نائب حلب بأن يظهر العصيان حتى يخرج إليه قيت فى التجريدة فإذا توجّه إلى البلاد الشامية التفّ عليه دولات باى الذى [كان] نائب طرابلس وسيباى نائب حلب وغير ذلك من النوّاب ويتسلطن هناك كما فعل العادل طومان باى، فلما تحقّق السلطان ذلك أبطله من باشيّة العسكر بعد أن عيّنه صحبة التجريدة التى تعيّنت إلى سيباى نائب حلب، ثم لما انقضى أمر المحمل قبض عليه عقيب ذلك وأدخله إلى قاعة البحرة ثم قيّده وزنجره، وقبض معه على الأمير أزبك المكحّل، ثم إن السلطان احتاط على موجود الأتابكى قيت من صامت