للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيسرية وقاعة العواميد وغير ذلك من الأماكن التى بالقلعة، فجدّد ما فيها من العمارة وزخرفها إلى الغاية، لكن حصل منه غاية الضرر منها أنه رسم للقاضى شهاب الدين أحمد ناظر الجيش بأن يفكّ رخام قاعة والده ناظر الخاصّ يوسف التى سمّاها نصف الدنيا وكان فيها الرخام المثمن الذى لا يوجد، وقد أفنى ناظر الخاصّ يوسف عمره على بناء هذه القاعة، فلا زال به السلطان حتى فكّ رخام نصف الدنيا ونقله إلى قاعة البيسرية وقاعة الأعمدة وغير ذلك مما أنشأه بالقلعة، فحصل على أولاد ناظر الخاصّ بسبب ذلك ما لا خير فيه، وكانت هذه الواقعة من أقبح الوقائع ولو أن السلطان نقل هذا الرخام إلى مدرسته لكان أولى من وضعه فى قاعة البيسرية، كما يقال فأفقرنى فيمن أحبّ ولا أستغنى، وقد قلت فى هذه الواقعة مطلع زجل فى معنى ذلك:

سلطاننا الغورى قد جار … والصبر منّا قد أعيا

وصار فى ذا الجور عمّال … حتى خرب نصف الدنيا

وفيه جاءت الأخبار من غزة بوفاة الشيخ الصالح المعتقد المسلك سيدى محمد الغزاوى رحمة الله عليه، وكان من أعيان مشايخ الصوفيّة.

وفى جمادى الأولى كملت عمارة مدرسة السلطان التى أنشأها تجاه جامعه الذى بالشرابشين، وأنشأ هناك مدفنا له وعقد فوقه قبّة، وأنشأ صهريجا ومكتبا، وقرّر بهذه المدرسة حضورين وصوفيّة يحضروا بكرة والعصر، وجعل قاضى القضاة برهان الدين بن أبى شريف شيخ الحضور باكر النهار ومحبّ الدين الحلبى الإمام شيخ الحضور العصر كما أمر بذلك، فجاءت هذه المدرسة من محاسن الزمان ولا سيما فى هذا الخط الذى لم يتفق لأحد من الملوك البناء فيه فعدّ ذلك من جملة سعد قانصوه الغورى، وكان أصل هذا المكان قيسارية تسمّى قيسارية الأمير على فاستبدلت من وقف الناصر محمد بن قلاون، ووقع للغورى أشياء غريبة لم تقع لغيره من الملوك منها أنه نقل الآثار الشريف النبوى من مكانه الذى كان به المطلّ على بحر النيل فجعله فى مدرسته، حتى عدّ ذلك