للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من النوادر، وقد تعب الصاحب بهاى الدين بن حنّا فى نقل هذا الآثار الشريف وكان عند جماعة من بنى إبراهيم بالينبع فلا زال يتلطف بهم [حتى] اشتراه منهم بستّين ألف درهم بالدراهم القديمة، ثم نقله إلى الديار المصرية وبنى له مسجدا مطلاّ على بحر النيل، وكانت الناس يقصدون الزيارة إليه فى كل يوم أربعاء، فلما تلاشى أمر ذلك المكان الذى كان به الآثار الشريف استفتى السلطان العلماء فأفتوه بنقله إلى مدفنه بالقبّة وهذا بخلاف شرط الواقف، ثم إن السلطان نقل المصحف العثمانى إلى مدرسته أيضا وعدّ ذلك من النوادر، ثم نقل إلى المدرسة أيضا الربعة العظيمة المكتوبة بالذهب التى كانت بالخانقة البكتمرية التى بالقرافة، قيل أن مشتراها على الواقف ألف دينار، ولم يكتب نظير هذه الربعة سوى ربعة أخرى بخانقة سرياقوس اشتراها الملك الناصر محمد ابن قلاون بألف دينار أيضا، وأخرى بالمدينة الشريفة، وأودعها بهذه الخانقة، وقد وقع للأشرف قانصوه الغورى فى مدرسته من المحاسن ما لا وقع لأحد قبله من الملوك وحاز فيها أشياء غريبة عزيزة الوجود، ولما نقل الآثار الشريف والمصحف العثمانى إلى مدرسة السلطان كان له يوم مشهود ونزل قدّامه القضاة الأربعة والأتابكى قيت وجماعة من الأمراء المقدّمين والفقراء أرباب الزوايا بالأعلام وهم يذكرون.

وفى ذلك اليوم أخلع على الشيخ برهان الدين بن أبى شريف وقرّره فى مشيخة هذه المدرسة، وقد صرف عن قضاية القضاة وانفرد بمشيخة مدرسة السلطان واستمرّ بها إلى الآن، وقد قلت من قصيدة مدحت بها السلطان، وقد عرضت عليه واستحسنها، فمن أبياتها قولى فى جامعه الذى أنشأه، وهو قولى:

بنى بمصر لله بيتا … رخامه قائم ونائم

فجاء فى حسنه فريد … من كل عيب يقال سالم

فليس يبنى له نظير … فى سائر المدن والأقالم