للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هى من أبواب المظالم، فطاش ابن أبى الجود فى تلك الأيام إلى الغاية وعادى أرباب الدولة قاطبة من أمير ومباشر وغير ذلك حتى ملوك الشرق لأجل تجّار الأروام مما يشكون (١) منه من كثرة المصادرات لهم، وكان هذا كلّه دمارا فى حقّه، كما قد قيل:

أقول له إذ طيّشته رياسة … رويدك لا تعجل فقد غلط الدهر

ترفّق يراجع فيك دهرك رأيه … فما سدت إلا والزمان به سكر

وقد قلت فيه أيضا:

بالذى أركبك البغلة بعد المشى حافى … وكسى جسمك بعد العرى خزّا ونصافى

لا يكن خلقك يوما … يا علاى الدين جافى

وكان أصله سوقى من الصليبة، قيل فى الأمثال:

ما طاب فرع أصله خبيث … ولا زكى من مجده حديث

وكان أبوه أصله نجّار يقال له المعلم حسن ثم تعلق على صنعة الحلوى وسمى نفسه أبو الجود وأقام مدة طويلة يبيع الحلوى على باب حمام شيخو (٢)، واستمر على ذلك حتى مات، فاستقر ابنه على فى دكانه وكان يقلى المشبّك بيده فى رمضان واستمر على ذلك مدة طويلة، ثم إنه تكلم فى بعض جهات الوزر وأبطل بيع الحلوى، ثم بقى برددارا عند تغرى بردى الأستادار ثم سعى فى برددارية الأمير طومان باى لما كان دوادارا كبيرا، فلما تسلطن وقرر فى الدوادارية الكبرى الأمير قانصوه الغورى سعى عنده فى البرددارية، فلما تسلطن الغورى حظى عنده وطاش وجرى منه ما تقدّم ذكره وجار على الناس بالظلم، حتى أخرب ثغر الإسكندرية ودمياط وبندر جدّة وغير ذلك من الثغور بسبب مصادرات التجّار، فتلاشى أمر الثغور والبنادر من يومئذ وتضاعفت أمر المكوس جدّا


(١) يشكون: يشكوا.
(٢) شيخو: شيخوا.