للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدّة بيوت، ثمّ دخلوا إلى الجسر الذى بجوار بركة الرطلى وكان النيل فى قوة الزيادة والجسر عامرا بالسكّان فخطفوا عدّة عمائم وشدود، وكانوا نحوا من ستّين رجلا ومعهم قسىّ ونشّاب فعطعطوا تلك الليلة فى الجسر والمسطاحى وقام العياط (١) من الطيقان وكانت ليلة مهولة. فلما بلغ علان والى القاهرة ما جرى بالجسر تلك الليلة أخذ جماعة من المماليك وساق خلف المنسر بطول الليل فظفر منهم بثمانية أنفس فقبض عليهم من ناى وطنان وهرب (٢) الباقون، فلما طلع النهار وصل بهم إلى باب القلعة ثم عرضهم على السلطان فرسم بشنقهم على قنطرة الحاجب فسمّروهم على جمال وطافوا بهم القاهرة وكان لهم يوم مشهود، فأتوا بهم إلى قنطرة الحاجب فشنق منهم جماعة ووسّط منهم جماعة وانطلقت لهم الزغاريت من النساء، ولبس علان الوالى خلعة حافلة فى ذلك اليوم لكونه بيّض وجهه وقبض على المنسر فى ليلته، وعدّ ذلك من النوادر، كما يقال:

كأنّ فجاج الأرض يمناك إن يسر … بها خائف تجمع عليه الأنامل

فأين يفرّ المرء منك بجرمه … إذا كان تطوى فى يديك المراحل

وفى يوم الاثنين خامس عشرين هذا الشهر كانت وفاة القاضى بدر الدين محمد النويرى الحنفى أحد نوّاب الحكم، وكان عالما فاضلا رئيسا حشما لا بأس به.

وفى ربيع الأوّل فى مستهلّه أفرج السلطان عن صلاح الدين بن الجيعان ونزل إلى داره، وكان فى الترسيم بسبب ما قرّر عليه من المال وقد أشرف على تغليق ذلك - وفى يوم الخميس خامسه أخلع السلطان على الأمير سودون العجمى وقرّره فى أمرة مجلس عوضا عن أصطمر من ولىّ الدين بحكم توجّهه إلى دمياط. - وفيما بعد توفى الجمالى يوسف بن الزرازيرى كاشف الوجه


(١) العياط: العايط.
(٢) وهرب: وهرت.