للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القبلى، وتولى الوزارة أيضا، بالمقشرة مغضوبا عليه وقاسى شدائد ومحنا، وكان لا بأس به. - وفيه عمل السلطان المولد النبوى بالحوش واجتمع به القضاة الأربعة، ومن الأمراء المقدّمين أربعة وعشرون، حتى عدّ ذلك من النوادر الغريبة. - ومن الحوادث أن فى ليلة تفرقة الجامكية طلع حمل المال من حارة زويلة وقت صلاة الفجر، فلما وصلوا به إلى رأس البندقانيّين فى أثناء الزقاق المظلم (١) خرج عليهم جماعة من الأتراك فى زى العرب فحاشوا البغل الذى عليه المال برسم الجامكية واقتلعوه من الموكّل به وربما (٢) أشيع قتله فأخذوا البغل بما عليه من المال ومضوا، ولم تنتطح فى ذاك شاتان، وكان قدر المبلغ اثنى عشر ألف دينار مما جمعه على بن أبى الجود من وجوه المصادرات بالضرب والحبس لأعيان التجّار ومشاهير الناس وغير ذلك فذهب ذلك المال ولم ينتفعوا به، فكان كما يقال:

لست أعطى فى حرام أبدا إلا حراما

وفى أواخر هذا الشهر أكمل السلطان نفقة البيعة على الجند (٣) وقد طاولهم نحوا من سنة ونصف وهو يحتج بجمع المال حتى راج أمره فى السلطنة وتمّت قواعد دولته، وكان هذا بتدبير الأتابكى قيت الرجبى حتى خمدت تلك الفتن القائمة. - ومن الحوادث أن فى يوم السبت سلخ هذا الشهر طلع الأمير أزدمر الدوادار إلى القلعة وقت صلاة الصبح، فلما وصل إلى باب القلة التى بالقلعة فلم يشعر إلا وقد جاء سهم نشّاب من بعض طباق المماليك فجاء السهم من تحت إبطه فأخرق الملوطة التى عليه، فلما جرى ذلك أخذ السهم النشّاب ودخل به إلى السلطان قال له إن كنت تقصد قتلى فلا تخلى المماليك الجلبان يقتلونى، فحلف السلطان على المصحف الشريف أن لم يكن له علم بذلك ولا جرّه، ثم بعث خلف أغوات الطباق وضرب منهم جماعة وقرّرهم عن من فعل ذلك فأسفرت القضية على أن شخصا من المماليك قيل هو أخو الأتابكى


(١) المظلم: الظلم.
(٢) وربما: ورب ما.
(٣) على الجند: مكررة فى الأصل.