إليه أصطمر خلعة وقال له إن كنت تستقرّ أمير مكة إحمل للسلطان خمسين ألف دينار، فقال الجازانى نعم أنا أحمل للسلطان هذا القدر، فألبسه الخلعة حتى طمّنه، وقد أظهر العصيان من قبل ذلك وجرى منه أمور شتى، ثمّ إن أصطمر أرسل فى الدس مكاتبة للشريف بركات أخو الجازانى بأن يجمع العربان ويلاقيه حتى يقبض على الجازانى، فلما أحسّ الجازانى بذلك تسحّب تحت الليل من بطن مرو، وكان أصطمر أرشل قليل الدربة، فلما تسحّب الجازانى لاقى الركب الشامى فى رابغ وجرى منهم ما تقدّم ذكره من قتل ونهب وأسر النساء، فلما دخل الحاجّ إلى مكّة وبلغه ذلك اضطربت الأحوال إلى الغاية ووقف الحاجّ بالجبل وهم على وجل من الجازانى وعرب بنى إبراهيم. فلما انتهى الوقوف بالجبل وخرج الحاجّ من مكة قال أصطمر للشريف بركات أخرج معنا ولاقى الجازانى، فلما خرج الشريف بركات صحبة الحاجّ ووصل إلى مكان يسمّى الدهنة فلاقاه أخوه الجازانى فى جمع كثير من عرب بنى إبراهيم، فأرسل الجلزانى يقول لأصطمر لا تدخل بينى وبين أخى بركات ودعنا نقتتل فى بعضنا وخذ أنت الحاجّ وامضى، فلم يسمع أصطمر منه ذلك، ثم حضر يحيى بن سبع أمير الينبع وصار عونة مع الجازانى، فاتقعوا مع الشريف بركات، ودخل أصطمر بينهم ونادى فى الركب بأن من كان معه سلاح يحضر عونة على قتال الجازانى، فاجتمع الجمّ الغفير من الجمّالة والعكام والضوّية فكان بينهم ساعة تشيب منها النواصى وآل الأمر إلى كسرة أصطمر أمير ركب المحمل، وفتل ممن كان معه من المماليك السلطانية نحوا من مائة مملوك غير الغلمان ولطفش، وتمّت الكسرة على من كان بركب المحمل فى ذلك اليوم ونهب كلّما فيه حتى عروا النساء من أثوابهنّ وأخذوا عصايبهن من على رؤوسهن وقاسين من الشدة ما لا خير منه، وتخلّف غالب الحاج بالينبع وصاروا ينزلون فى مراكب من البحر الملح ويدخلون إلى القاهرة بعد مدة طويلة وهم فى أنحس حال، وقاسوا فى هذه السنة غاية المشقّة وجرى عليهم كل سوء. - وقيل أن الجازانى لم يفحش