وفى أواخر هذا الشهر توفى القاضى زين الدين سالم صاحب ديوان الأتابكى أزبك من ططخ، وكان من أعيان المباشرين ورأى غاية العزّ والعظمة فى أيّام الأتابكى أزبك، وكان فى سعة من المال وله ثروة زائدة وكان لا بأس به، ومات وقد جاوز السبعين سنة من العمر. - وفيه توجّه الأمير طقطباى وزير الديار المصريّة إلى جهة الصعيد لجمع المغلّ، فصلى الجمعة مع السلطان ونزل من القلعة فى موكب حافل وصحبته الأمراء المقدّمون، وكان له يوم مشهود.
وفى رمضان فى يوم مستهلّه نادى السلطان فى القاهرة بأن أولاد الناس والأيتام من النساء والصغار يطلعون إلى القلعة، وأشيع بين الناس أن السلطان يقصد أن يرد جوامك الأيتام التى قطعت وكان قصده ذلك حقيقا، فلما طلعوا إلى القلعة لم يمكّنه الأتابكى قيت من ذلك، فردّ فى ذلك اليوم لبعض جماعة من المماليك ونزلوا البقيّة خايبين من غير طائل، كما قيل:
سل الله ربّك من فضله … إذا عرضت حاجة مقلقة
ولا تسأل الترك فى حاجة … فأعينهم أعين ضيّقة
ومن الحوادث أن فى ليلة الاثنين ثانى عشر شهر رمضان طلع الأمراء إلى القلعة ليفطروا مع السلطان على العادة، فلمّا فطروا ونزلوا من القلعة ووصلوا إلى رأس الصوة وإذا بطائفة من المماليك نحو من اثنى عشر مملوكا قد أحاطوا بهم، فأسفرت هذه الواقعة بأن الأمير مصر باى الدوادار ظهر والتفّ عليه طائفة من أخمل المماليك، فقصد أن يقطع الطريق على الأمراء وهم نازلون من القلعة فوقفوا لهم عند باب السلسلة، فلما نزلوا من القلعة خرج عليهم مصر باى بمن معه من تلك المماليك اليسيرة فأرموا على الأمراء بالنشّاب، فجرح الأمير طراباى والأمير تمر الزردكاش لكنه جرح خفيف فما تأثروا له، ولكن قتل فى تلك الليلة شخص بالرملة من المماليك يقال له جانى بك قيل إنه قرابة الأمير طراباى، وكان قصد مصر باى قتل أزدمر الدوادار وقيت الرجبى