للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما قرّره المحتسب على السوقة من مال يردّونه فى كلّ شهر، وقد أحال السلطان بما تقرّر على الحسبة لبعض الأمراء المقدّمين وبعض أمراء عشرات عوضا عن الأقاطيع، وكان ما قرّر على الحسبة فى كلّ شهر فوق الألفى دينار وقيل أكثر من ذلك، وصارت مقرّرة على سائر السوقة والطحّانين وغير ذلك، ومن يومئذ تحسّنت سائر البضائع فى الأثمان بموجب المشاهرة التى تقرّرت على السوقة.

وفى يوم الخميس تاسعه (١) عرض السلطان أولاد الناس أصحاب الجوامك والأيتام من نساء ورجال، فلمّا عرضهم قطع عدّة جوامك ممن له أشرفى أو مائتان فأضرّ ذلك بحال الأيتام من نساء وصغار، ثم قطع عدّة جوامك لجماعة كثيرة من أعيان أولاد الناس والمباشرين ووبخهم بالكلام، وقطع جوامك جماعة من الأوجاقيّة ونقباء القصر والسر آخوريّة وغلمان الإسطبل السلطانى، وسائر من له جامكية فى باب السلطان من الفقهاء والمتعمّمين حتى جماعة من الخوندات والستّات، فجماعة أبقى لهم النصف من جوامكهم وشئ قطع لهم الجوامك كلّها وصار بالقسم والنصيب، وكان القائم فى هذه المظلمة أيضا الأتابكى قيت الرجبى لا جزاه الله خيرا، فحصل للناس فى ذلك اليوم كسر خاطر ونزلوا من القلعة بغير طائل، فكان كما يقال فى المعنى:

يا طالب الرزق مهلا فلا يسعيك تطمع … وثق بربّ كريم فالله يعطى ويمنع

وفيه عيّن السلطان الأمير قانصوه بن سلطان جركس بأن يتوجّه إلى الشرقية كاشفا، فلمّا توجّه إلى هناك لم يقابله من العربان أحد وازدادوا عصيانا فوق عصيانهم وسموه هات لبن، فأقام بالشرقية نحوا من أربعين يوما ورجع من غير طائل. - وفيه أكمل السلطان نفقة البيعة على العسكر، وقد طلول العسكر هذه المدّة الطويلة واعتذر عن ذلك حتى جمع الأموال ثمّ أكمل لهم النفقة بعد ذلك.


(١) تاسعه: يعنى تاسع شعبان.