شقّ عليهم وكادت أن تثور فتنة بسبب ذلك، فاستدرك السلطان فارطه وأحضر ذلك الرجل المرافع وضربه بالمقارع وأمر بقطع لسانه وأشهره فى القاهرة على جمل وهو عريان، فلمّا شقّ المدينة كادت العوامّ أن ترجمه أو تحرقه، ثم توجّهوا به إلى المقشرة فسجن بها وعدّ ذلك من النوادر، وكان ضربه بالحوش بين يدى الأمراء حتى أرضاهم بذلك.
وفى يوم الاثنين رابع عشره أخلع السلطان على ولده المقرّ الناصرى محمد وقرّره فى شادية الشراب خاناه عوضا عن أقباى الطويل بحكم وفاته، وكان ابن السلطان حديث السنّ وقد قامت الأمراء على السلطان حتى قرّره فى شادية الشراب خاناه، وكان القائم فى ذلك الأتابكى قيت الرجبى والسلطان يمتنع. - ومن الحوادث أن السلطان عيّن شخصا من الخاصكيّة يقال له نانق الخازن بأن يتوجّه إلى جهة البلاد الشرقية والغربية ليستوفى على المقطعين ما كانوا أوردوه من الخراج عن السنة التى أفردها السلطان على المقطعين، فلمّا توجّه نانق المذكور إلى هناك ضيّق على الفلاحين وفحص عن أصل خراج كلّ حصّة وما تعمل فى كلّ سنة من الخراج، فصارت المقطعون فى وجل بسبب ذلك، ورحل غالب الفلاّحين وقد طالبهم ببقيّة الخراج زيادة عمّا أوردوه المقطعون فى بيت الأتابكى قيت الرجبى. فأرسلوا الفلاّحون يطلبون من المقطعين الرجعات بما أوردوه ببيت الأتابكى قيت، فغرموا الفلاّحون لنانق المذكور جملة من المال حتى حلّ عنهم، وقد ضاع خراج تلك السنة أيضا على المقطعين بين الفلاّحين وبين نانق المذكور. ثم آل أمر هذه الحركة إلى السكون، وقد تقدّم ما وقع لأصحاب الأملاك ما يقرب من ذلك وغرموا مغرما ثانيا كما تقدّم وقد ضاق الأمر على الناس جدّا. - وفيه ضرب السلطان فلوسا جددا وقد نقش عليها هيئة شباك، فوقف أمر الفلوس التى كانت قبل ذلك وصارت السوقة لا تأخذ إلا الفلوس التى منقوش عليها الشباك، فوقف حال الناس وصارت البضائع تباع بسعرين بسعر من الفلوس الجدد وسعر بالفلوس العتق، وفوق هذا كلّه