الناس بسلطنته العيون، فكانت سلطنته على غير القياس، وأشيع بأن بنيانه على غير أساس، فصار منه بعد ذلك الهزل جدّا، ومكث فى السلطنة مكثا جاوز الحدّ، فزال عنه الأضرار والباس، وامتلأت منه أعين الناس، فتولى الملك وله من العمر نحوا من ستين سنة ولم يظهر بلحيته الشيب حتى عدّ ذلك من جملة سعده.
ومن العجائب أن أرباب الملاحم قالت للعادل طومان باى ما يأخذ الملك منك إلاّ حرف القاف فظن أنه قصروه فقتله ظلما ولم يكن يحسب لقانصوه الغورى حسابا، فكان كما قال:
الرزق لم يزل … للمرء ملتزم
ما المن سمىّ (١) … إلا لمن قسم
ومن الحوادث فى يوم سلطنته أن طائفة من المماليك الجلبان توجهوا إلى بيت فخر الدين كاتب المماليك الذى فى الأزبكية فأحرقوه ونهبوا ما فيه، ثم توجهوا إلى بيت شمس الدين أبى المنصور مباشر العادل فنهبوا ما فيه، ثم توجهوا إلى بيت قرقماس المقرى المحتسب وبيت أزبك النصرانى والى القاهرة فنهبوا ما فيهما، ثم توجهوا إلى بيت عبد العظيم الصيرفى فنهبوا ما فيه، وكذلك بيت يونس نقيب الجيش، وحصل فى ذلك اليوم غاية الاضطراب ولا سيما فى مثل يوم العيد. - ثم إن السلطان أخلع على شخص من الأتراك يسمى طومان باى الجلب وقرره فى ولاية القاهرة عوضا عن أزبك النصرانى، فركب ونادى فى القاهرة بالأمان والاطمان وأن المماليك تكف عن النهب، فسكن الاضطراب قليلا.
وفى ذلك اليوم اختفى جماعة من الأمراء ممن كان من عصبة العادل، وجانى بك شاد الشراب خاناه ومسايد ناظر الجوالى ومصر باى الصغير وأزبك النصرانى وآخرين من الأمراء ممن كان من حلفه. - وفى ذلك اليوم ظهر الشيخ جلال