للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصر باى إلى قانصوه الغورى وقالوا ما نسلطن إلاّ هذا فسحبوه وأجلسوه وهو يمتنع من ذلك ويبكى وربما كلمه مصر باى ومرّق طوق ملوطته وهو يمتنع غاية الامتناع، فحضر الخليفة المستمسك بالله يعقوب وقاضى القضاة عبد الغنى ابن تقى المالكى والشهاب الشيشينى الحنبلى، وتأخر قاضى القضاة الشافعى زين الدين زكريا والبرهان الدين بن الكركى الحنفى حتى يقع رأى الأمراء فيمن يولونه السلطنة، فكتب القاضى الحنبلى صورة محضر فى خلع العادل من السلطنة وشهد فيه جماعة كثيرة من الناس بأنه سفاك للدماء، ثم حضر القاضى الشافعى والقاضى الحنفى وعقدت البيعة لقانصوه الغورى وبايعه الخليفة، وكانت سلطنته فى يوم الاثنين مستهل شوال سنة ست وتسعمائة، ثم أحضر إليه شعار السلطنة وهى الجبة والعمامة السوداء فأفيض عليه ذلك، كل هذا وهو يمتنع ويبكى، فلقبوه بالملك الأشرف، وسما فى علوه وأشرف، وكنّوه بأبى النصر قانصوه الغورى، وبه صارت مصر مشرّفة بالنّورى، وقيل:

ألا إنما الأقسام تحرم ساهر … وآخر يأتى رزقه وهو نائم

ثم قدمت إليه فرس النوبة بالسرج الذهب والكنبوش فركب من على سلم الحراقة التى بباب السلسلة، فتقدم قيت الرجبى وحمل القبة والطير على رأسه وقد ترشح أمره إلى الأتابكية، فركب الخليفة عن يمين السلطان، ومشت بين يديه الأمراء وهم بالشاش والقماش، حتى طلع من باب سرّ القصر الكبير وجلس على سرير الملك، والباقى للزوال نحو من خمس وعشرين درجة، وكان الطالع بالسرطان، فأوّل من قبّل له الأرض قيت الرجبى ثم بقية الأمراء شيئا فشيئا، ثم أخلع على الخليفة ونزل إلى داره، وأخلع على مصرباى وقرره فى الدوادارية الكبرى والوزارة والأستادارية عوضا عن نفسه فنزل إلى داره فى موكب حافل. ثم دقت له البشائر بالقلعة ونودى باسمه فى القاهرة، وارتفعت الأصوات له بالأدعية الفاخرة، وزال ما كان من الشكوك والظنون، وأقرت من