حتى جرى للعادل ما جرى. - وفيه طلع جهاز خوند الخاصبكية إلى القلعة، فشقّ من الصليبة، وكان له يوم مشهود.
وفيه، فى يوم الاثنين رابعه، جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية بقتل الأشرف جان بلاط، مات خنقا وهو فى البرج بالإسكندرية، وقد أرسل العادل مرسومه فى الدسّ إلى نائب الإسكندرية بخنقه، فخنق وهو فى القيد، وقيل لما أرادوا خنقه أحدث فى ثيابه، وصار له شخير كالثور العظيم، فلما مات غسّل وكفّن وصلّى عليه ودفن بمقابر الإسكندرية، ثم نقل بعد موته كما يأتى الكلام على ذلك فى موضعه؛ وكان الأشرف جان بلاط ملكا جليلا، وافر العقل، جميل الهيئة، وكان من خواص الأشرف قايتباى، وولى عدة وظائف سنية، منها: تجارة المماليك، وتقدمة ألف، والدوادارية الكبرى، ونيابة حلب، ونيابة الشام، والأتابكية بمصر، ثم ولى السلطنة وأقام بها ستة أشهر وثمانية عشر يوما، وآل أمره إلى أن مات مخنوقا، وقاسى شدائد ومحنا، كما يقال فى الأمثال:
والمرء لا يدرى متى يمتحن … فإنه فى دهره مرتهن
ومات الأشرف جان بلاط وهو فى عشر الأربعين، وكان أرشل قليل الحظ، ولما مات رثيته بهذه الأبيات:
جنبلاط بدا له … طالع النحس أطرده
نجمه لاح مخبرا … بعكوس مؤبّده
عند ما ظنّ أنه … نال بالملك مقصده
جاءه الموت عاجلا … فى بروج مشيّده
وفى يوم الخميس سابعه صعدت خوند الخاصبكية زوجة العادل طومان باى إلى القلعة، فخرجت من بيتها الذى بقنطرة سنقر وهى فى محفّة زركش، ومشت قدّامها الرءوس النوب والحجاب والخاصكية وهم بالشاش والقماش، ومشى قدّامها الوالى ونقيب الجيش وعبد اللطيف الزمام وأعيان المباشرين، منهم: كاتب السرّ صلاح الدين بن الجيعان، وعبد القادر القصروى ناظر الجيش، وعلاى الدين بن الصابونى