وفيه، فى أواخره، عزل السلطان القاضى الحنفى عبد البرّ بن الشحنة، وأعاد البرهان بن الكركى، فكانت مدة القاضى عبد البرّ فى القضاء أياما وعزل عنها، وقد قلت فى ذلك:
ولّوك قاضى القضاة لكن … جاءوك بالعزل عن قريب
فمدّة الحكم منك كانت … أقصر من جلسة الخطيب
ولما تولّى قاضى القضاة برهان الدين بن الكركى وأعيد إلى القضاء، قلت فى ذلك:
بقاضى القضاة استبشرت مصر فرحة … بعودته فى منصب للشرائع
فمذ قيل من أولى بمرتبة القضا … على مذهب النعمان من كلّ بارع
أشار إليه بالأيادى مليكها … وأومى إليه نيلها بالأصابع
وقد سعى ابن الكركى فى عوده إلى القضاء بمال له صورة. - وفيه اختفى شيخنا جلال الدين الأسيوطى، وقد تطلبه السلطان ليفتك به، وكان بينهما حظّ نفس من حين كان العادل فى الدوادارية الكبرى، وجرى بينهما أمور شتى يطول الكلام عليها؛ فلما اختفى قرّر السلطان الشيخ ياسين البلبيسى فى مشيخة الخانقاة البيبرسية، عوضا عن الجلال الأسيوطى بحكم صرفه عنها. - وفيه جاءت الأخبار بالقبض على مغلباى دجاج حاجب دمشق، وعلى نائب قلعتها أيضا؛ ثم إن السلطان قرّر فى حجوبية دمشق برد بك تفاح، وقرّر تمر من جانم الظاهرى فى حجوبية حلب، عوضا عن تمراز جوشن، وكانت حيلة عليه، فلما خرج أرسل بالقبض عليه ومضوا به إلى القدس بطالا.
وفى شعبان كانت تفرقة السلطان لنفقة البيعة على الجند، ففرّق على حكم ما نفق الأشرف جان بلاط. - وفيه حضر قاصد على دولات وعلى يده مكاتبة إلى السلطان، تتضمّن أنه أرسل يشفع فى الأمير أركماس نائب البيرة، وكان قد فرّ إلى ابن عثمان، وعاد فأقام عند على دولات حتى يشفع فيه عند السلطان. - وفيه عوّل السلطان بأن يقبض على الأمير خشكلدى البيسقى، فلما بلغه ذلك فرّ من داره واستمر مختفيا