للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخلع عليه العادل وأعاده إلى القضاء، وعزل ابن النقيب كما تقدم؛ ثم حضر قاضى قضاة الحنفية البرهان بن الكركى، وقاضى قضاة المالكية عبد الغنى بن تقىّ، وقاضى القضاة الحنابلة الشهاب الشيشينى؛ ثم حضر أمير المؤمنين أبو الصبر المستمسك بالله يعقوب.

فلما تكامل المجلس عملوا صورة شرعية فى خلع الأشرف جان بلاط، وولاية العادل طومان باى، فخلع جان بلاط من السلطنة، وبايع الخليفة طومان باى بالسلطنة، وجدّد له مبايعة ثانية زيادة على ما بيده من مبايعته بالشام، واستمرّ على لقبه بالعادل الذى تلقّب به بالشام، وكان أولا تلقّب بالملك المؤيد وهو بالشام، ثم تحوّل لقبه إلى الملك العادل.

فلما كسر الأشرف جان بلاط كما تقدّم، ركب العادل من بيت تانى بك قرا وطلع إلى القلعة، فلما طلع لم يجلس بباب السلسلة بالمقعد الذى هناك، بل طلع إلى القلعة ودخل إلى القصر الكبير وجلس به، وحضر الخليفة والقضاة الأربعة، ووقعت مبايعته هناك، وأفيض عليه شعار الملك به، واجتمع هناك الأمراء والعسكر وأرباب الدولة قاطبة، واستمرّ على ذلك حتى جلس على سرير الملك، ورفع الزردكاش القبّة والطير على رأسه، وكان الأتابكى تانى بك الجمالى مختفيا، وقبّل الأرض له الأمراء قاطبة.

ثم أخلع على الخليفة وكان ساكنا بالقلعة؛ ثم قرّر قصروه فى الأتابكية، عوضا عن تانى بك الجمالى بحكم اختفائه، فأخلع عليه فى ذلك اليوم تلك الفوقانى التى كان الأشرف جان بلاط صنعه له عند توجّهه إلى دمشق، وكان فوقانى أخضر حرير، بوجه مخمل أزرق، بطرز يلبغاوى عريض، طوله ثلاثة أذرع فى عرض ذراعين ونصف، قيل دخل فيه من الذهب ثمانمائة مثقال من ذهب بنادقة، بحيث لم يعمل مثله قط؛ ثم قام العادل لقصروه وقبّل رأسه، ونزل من القلعة فى موكب حافل، فتوجّه إلى الأزبكية بدار الأتابكى أزبك، وكان كله عين الخداع من العادل فى حقّ