للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغانى الدكة فى الدخول والطرب، ولم يجئ بعده أحد مثله فى الدخول، وقد رثيته بعد موته بهذه الأبيات:

توفى نزهة الأسماع طرّا … وصار العيش منّا فى ذهاب

وناحت بعده الآلات حزنا … وأظهرت الصّراخ مع انتحاب

وأبدى الدفّ والماصول زعقا … كمن جاء المآتم فى المصاب

وأضحى الناس فى قلق ولم لا … وقد ضاق الوجود بلا رحاب

وفى أواخر هذا الشهر حضر الأمير طومان باى الدوادار، وكان مسافرا إلى جهة الصعيد، فلما حضر إلى الجيزة خرج الأمراء والعسكر قاطبة إلى تلقّيه، فأقام بالجيزة ولم يعدّى، فتوجّه إليه الأمير طراباى أحد المقدّمين، وعلى يده صورة حلف عن لسان السلطان، أنه لا يشوّش عليه إذا قابله (١) ولا يقبض عليه؛ فلما توجه إليه الأمير طراباى لم يثق الأمير طومان باى بذلك الحلف، وأظهر العصيان، فرجع الأمير طراباى بجواب غير صالح؛ وقد تقلّب على الظاهر قانصوه غالب الأمراء والعسكر، فلما رأى أحواله مضطربة تحقّق وقوع فتنة، فأخذ فى أسباب تحصين القلعة، ونقل إليها أشياء كثيرة من البقسماط والجبن، وملأ الصهاريج التى بالقلعة، وفرّق السلاح على مماليكه، وانتظر ما يكون من أمر الأمير طومان باى.

فلما عدّت إليه الأمراء قبض على جماعة، منهم الأمير قانى باى قرا أمير آخور كبير، فلما قبض عليه وضعه فى الحديد، وقبض على أنص باى، وعلى تمر قريب السلطان الذى تولى الحسبة ووضعه فى الحديد، وقبض على القاضى عبد القادر القصروى ناظر الجيش، وعلى [آخرين من الأمراء. - فلما كان يوم الأربعاء سادس] (٢) عشرين ذى القعدة عدّى الأمير طومان باى من نحو إنبابة، وطلع من بولاق بمن معه من العساكر، فتوجّه إلى الأزبكية بعد العصر وبات بها، وكان الأتابكى جان بلاط ساكنا هناك، فاجتمعوا الأمراء عنده وضربوا مشورة فى أمر الظاهر قانصوه، فوقع الاتفاق على خلعه من السلطنة.


(١) قابله: قابل.
(٢) آخرين … سادس: نقلا عن ف، وينقص فى الأصل.