للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى رجب تزايدت عظمة الملك الظاهر قانصوه هذا، فجلس على الدكة التى بالحوش، ونصب سحابة جديدة صنعها من المخمل المذهب، وبها رنوك زركش، فجاءت غاية فى الحسن، فجلس على الدكة والسحابة على رأسه، وطلع القضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وكان موكبا حافلا. - وفيه فى الحادى عشر منه تغيّر خاطر السلطان على القاضى كاتب السرّ بدر الدين بن مزهر، فقبض عليه وسجنه بالعرقانة، ثم طلب أخاه كمال الدين محمد وقرّره فى كتابة السرّ، عوضا عن أخيه بدر الدين. - وفيه قرر سيباى فى نيابة صهيون، عوضا عن قنبك الشيخ، بحكم فراره عند ابن عثمان وخوفه على نفسه من القتل.

وفيه كان دخول خوند أصل باى أمّ الملك الناصر على الأتابكى جانبلاط، فنزل جهازها من القلعة فى يوم السبت خامس عشره وشقّ من القاهرة، واستمرّ ينسحب من ضحوة النهار (١) إلى وقت الظهر، فتوجّهوا به إلى الأزبكية، فكان عدّة الحمالين أربعمائة حمّال، والبغال نحو من مائتين (٢) بغل، فرجّت له القاهرة وكان له يوم مشهود، فكان به من الأمتعة والتحف ما يعجز عنه الواصفون.

فلما كان يوم الأربعاء تاسع عشرة نزلت خوند أمّ السلطان فى محفّة زركش، وتوجّهت إلى الأزبكية، ومشت قدّامها جماعة من المباشرين، منهم كاتب السرّ كمال الدين بن مزهر، وناظر الجيش عبد القادر القصروى، وصلاح الدين بن الجيعان نائب كاتب السرّ، وآخرون من المباشرين والطواشية، وبعض أمراء عشرات، وهم بالشاش والقماش، وعدّة وافرة من الخاصكية؛ فلما وصلت إلى باب البيت الكبير الذى بالأزبكية، فرشت لها الشقق الحرير تحت حافر بغال المحفّة، ونثرت على رأسها خفائف الذهب والفضة، وكان ذلك يوما مشهودا، ولكن جرى من بعد ذلك أمور شتى وأنكاد مترادفة: يأتى الكلام عليها فى موضعه، فكان كما يقال:

أمور تضحك السفهاء منها … ويبكى من عواقبها اللبيب

وفى شعبان فى يوم السبت سادسه جاءت الأخبار من القدس بقتل الأمير


(١) النهار: نهار.
(٢) مائتين: كذا فى الأصل.