للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه قبض على سليمان بن قرطام وكان من كبار المفسدين بالشرقية، فلما قبض عليه رسم السلطان بأن يشنكلوه على باب زويلة، وأقام معلقا ثلاثة أيام بلياليها. - وفيه قبض السلطان على أخت خوند بنت خاص بك زوجة آقبردى الدوادار، فرسم عليها بالقلعة وقرّر عليها مالا له صورة، وقد رافعها أبو المنصور مباشر آقبردى، وزعم أن آقبردى أودع عندها مالا، فأقامت فى الترسيم حتى أوردت ما (١) قرّر عليها.

وفعل مثل ذلك بأختها خوند الكبرى زوجة الأشرف قايتباى، فقرّر عليها مالا له صورة، ووكّل بها خمسة من الطواشية حتى أوردت ما قرّر عليها، وباعت أشياء كثيرة من قماشها؛ وقد حصل عليها ما هو أعظم من ذلك، وهو أن فى دولة الناصر محمد بن الأشرف قايتباى توجّه طائفة من المماليك الجلبان إلى دارها، وقصدوا يهجمون عليها، ثم قالوا لبعض الطواشية: ادخلوا قولوا لخوند تنفق علينا لكل مملوك خمسين دينارا، فلما بلغ خوند ذلك غيّبت من البيت؛ وكان سبب ذلك قد أشيع بين الناس أن خوند تزوّجت قانصوه خمسمائة فى الخفية، فلما قتل قانصوه تحرّشت المماليك بخوند وطلبوا منها نفقة كما تقدم، وكان الذى تحرش بخوند جماعة من المماليك من أحلاف آقبردى الدوادار.

فلما بلغ الملك الناصر ذلك قام مع خوند قياما تاما، ونادى فى القاهرة: جميع العسكر المنصور حسبما رسم المقام الشريف أن أحدا من العسكر لا يتوجّه إلى بيت خوند زوجة الأشرف قايتباى ولا يقف لها على باب، وكل من خالف مرسوم السلطان شنق بلا معاودة؛ فانكفّوا (٢) المماليك عن التوجّه إلى بيت خوند من حين أذن (٣)، وقام بنصرتها بعد ما قصدت تسافر من المدينة، مع أن الملك الناصر صادر خوند فى أيامه بحسن عبارة، وأخذ منها جملة مال، وحصل لها عقيب ذلك طلوعا فى وجهها، واستمرّ بها ذلك العارض حتى ماتت، كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه.


(١) ما: فيما.
(٢) فانكفوا: فانكفوه، وفى ف: فانكف.
(٣) أذن: فى ف: نادى.