للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأمير طراباى فقيل إن العرب ذبحوه من وريده لكنه لم يمت من ذلك، وجرح من العسكر ما لا يحصى، ثم إن العرب نهبوا بركهم عن آخره وتوجّهوا إلى نحو بلاد الصعيد.

فلما جاءت هذه الأخبار إلى القاهرة اضطربت وماجت، ونادى السلطان للعسكر قاطبة بالخروج إلى المعيصرة وهم لابسون السلاح، فلما وصلوا إلى هناك وجدوا العرب قد رحلوا والذى قتل من العسكر طرحاء على الأرض، فأرسلوا يطلبون (١) من القاهرة عدّة نعوش بسبب من قتل هناك، فصيّروا لهم نعوشا فى مراكب من البحر إلى طرا، فأحضروا فيهم من قتل، وصار يوم العيد مثل المأتم فى كل حارة حيّا كأيام الفصول بسبب من قتل، وموجب ذلك أن الترك استخفّوا بالعرب فأكمنوا لهم كمينة فخرجت الترك من ورائهم فانكسروا وقتل منهم من قتل، وكانت هذه الحادثة من الحوادث المهولة، وقد قلت فى ذلك:

ألا قولوا لعرب قد تجرّوا … على حرب فهل يخشوا عقيبه

سهام مليكنا أضحت نفوذا … ونرجو أن تكون لكم مصيبه

ومن الحوادث فى هذا الشهر أن الأمير دولات باى الفلاح، أحد الأمراء المقدّمين، خرج فى يوم الأربعاء يسير إلى نحو الرصد، فلعب هناك بالكرة، وساق الفرس فى أرض محجرة فتقنطر به، فوقع على حجر هناك فمات لوقته، فحملوه على قفص حمّال وأتوا به إلى بيته حتى غسلوه وكفنوه، وأخرجوه فى يوم الخميس (٢)، ونزل إليه السلطان وصلّى عليه. - ثم إن السلطان، بعد أن صلّى عليه، توجّه إلى بيت طراباى الدوادار الثانى، فسلّم عليه بسبب ما وقع له مع عرب عزالة. - وفيه تغيّر خاطر السلطان على قراجا نائب غزّة، فأحضره إلى القاهرة وهو فى الحديد، وجرى عليه ما لا خير فيه، ثم آل أمره من بعد ذلك إلى أن ولى نيابة طرسوس وقتل بها.

وفيه دخل الأمير طومان باى الدوادار الكبير وكان مسافرا إلى جهة الصعيد،


(١) يطلبون: يطلبوا.
(٢) الخميس: فى ف: وأخرجوه يوم الاثنين وقيل يوم الخميس.