للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان وقت العصر من ذلك اليوم توفى فيه أيضا الأمير أزبك اليوسفى؛ فلما أخرجت جنازته نزل السلطان ثانيا حتى صلّى عليه، فطلعت جنازته من الصليبة، فلما صلّوا عليه رجعوا به من على حدرة البقر، ودخلوا به من الدرب الذى عند حمام الفارقانى، وتوجّهوا به إلى مدرسته التى أنشأها بدرب ابن البابا ودفن بها.

وكان الأمير أزبك اليوسفى أميرا جليلا؛ دينا خيرا، ليّن الجانب، وكان أصله من معاتيق الظاهر جقمق، وكان يعرف بأزبك الخازندار، وبأزبك ناظر الخاص أيضا، مات وهو طرخان، وقد كبر سنّه وشاخ وناف عن الثمانين سنة من العمر، وكان قليل الأذى كثير البرّ والصدقات، وولى عدة وظائف سنية، منها: الخازندارية الكبرى، ثم بقى مقدم ألف، ثم بقى رأس نوبة النوب، ثم بقى أمير مجلس، ثم مشير المملكة فى دولة الناصر محمد بن قايتباى، ثم أخرجت عنه التقدمة إلى أزدمر من على باى، فأقام مدة يسيرة على ذلك ومات، انتهى ذلك.

وفى شوال، فى يوم عيد الفطر، جاءت الأخبار بأن عربان عزالة (١) ثاروا على الكاشف بالبحيرة فحاربهم، ففرّوا منه وعدّوا من الوراق، وطلعوا بالقرب من شبرا، وتوجّهوا من خلف الجبل الأحمر، وطلعوا من على بحر بلامة قبالة طرا، ثم نزلوا بالمعيصرة وهى ضيعة هناك؛ فلما بلغ السلطان ذلك عيّن لهم تجريدة، فخرج إليهم فى الحال قانصوه البرجى أمير مجلس، وقرقماس من ولىّ الدين رأس نوبة النوب، وقيت الرجبى حاجب الحجاب، وسيباى نائب سيس أحد المقدّمين، ومن الأمراء الطبلخانات والعشرات جماعة كثيرة، منهم طراباى الشريفى الدوادار الثانى، والجمّ الغفير من العسكر.

فلبسوا آلة السلاح وخرجوا يوم عيد الفطر، فتوجّهوا إلى نحو المعيصرة، فوجدوا عرب عزالة هناك نازلين، فاتقعوا معهم واقعة مهولة، فانكسروا الأتراك وتشتّتوا، وقتل من المماليك السلطانية نحو من خمسين مملوكا، ومثل ذلك من الغلمان والعبيد، وجرح الأمير قرقماس رأس نوبة النوب فى وجهه، وكذلك قيت الرجبى،


(١) عزالة: فى ف: هوارة وعزالة.