للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما بلغه ما فعلت عرب عزالة مما تقدّم ذكره، فكبس عليهم فى مكان بالوجه القبلى، وقبض على جماعة منهم، نحو من ثلثمائة إنسان من رجال ونساء وصغار، فوصلوا بهم إلى بولاق وطلعوا بهم من الصليبة قدام الأمير طومان باى، فكان لهم يوم مشهود، فوضعوا الرجال فى زناجير، والنساء والصغار فى حبال، وعلّقوا رءوس من قتل من الرجال فى أرقاب النساء.

وكانت واقعة من الوقائع الغريبة، ولم يتّفق مثل ذلك سوى فى أيام الظاهر برقوق، بما وقع لبدر بن سلام كبير العربان بالبحيرة، وقد تقدّم ذكر ذلك فى أخبار الظاهر برقوق. - فلما طلع الأمير طومان باى إلى القلعة، صادف ذلك اليوم خروج الحاج من القاهرة، وكان أمير ركب المحمل قرقماس رأس نوبة النوب، وبالأول الناصرى محمد بن خاص بك.

فلما عرضوا عرب عزالة على السلطان رسم بتسميرهم على جمال، فسمّروهم وشقّوا بهم من القاهرة، وكان لهم يوم مشهود، وصارت الفرجة فرجتان:

على المحمل، وعلى عربان عزالة؛ ثم إنهم كلبوهم وعلّقوهم على أبواب المدينة، على كل باب منها نحو من عشرة أنفار، حتى على باب القنطرة، وباب الشعرية، وغير ذلك من الأبواب، ثم رسم السلطان بأن نساء العربان يدعوهم (١) فى الحجرة حتى يكون من أمرهم ما يكون، وقد قام الأمير طومان باى بنصرة الأتراك على العرب بعد أن كادت تنتهك حرمة المملكة، وتبهدلت الأتراك أى بهدلة بسبب ما وقع لهم فى المعيصرة، كما تقدّم ذكر ذلك فى أول الواقعة، وكان هذا أمرا غريبا من معظم النوادر، وفى هذه الواقعة يقول الشيخ بدر الدين الزيتونى هذه القطعة الزجل، وهى من الجناس انتامّ:

نحمد الله ونشكرو … خالقا الجسم والعصب

إذ نصرنا على العرب … بالدوادار والعصب


(١) يدعوهم فى الحجرة: فى ف: يرجموهم بالأحجار.