من القاهرة والمشاعلية تنادى عليهم، فلما عرضوا على السلطان رسم بأن يعلّقوا على أبواب المدينة، فعلّقت رأس أينال نائب حلب على باب زويلة، ومعها رأس ابن على دولات، والباقى على أبواب المدينة، وكل هذا يشقّ على الملك الناصر فى الباطن وكانت له عناية مع آقبردى وتعصّب.
وأخبر سودون الدوادارى أن كرتباى الأحمر نائب الشام، رجع إلى الشام، وجانبلاط نائب حلب، رجع إلى حلب، وأن العسكر واصل عن قريب؛ وقيل إن كرتباى الأحمر، لما استقرّ فى نيابة الشام استولى على نيابة قلعة الشام أيضا، مضافا لما بيده من نيابة الشام، وهذا الأمر عزيز الوقوع جدا.
وفيه أمر السلطان ببناء جامع الفيوم، وكان القائم فى ذلك الشيخ عبد القادر الدشطوطى، فأرسل صحبته السلطان عدّة من البنائين والمهندسين. - وفيه جاءت الأخبار من مكة بأن كاتب السرّ بدر الدين بن مزهر، لما توجّه إلى مكة، أصلح بين أمير مكة وأخيه بمرسوم السلطان؛ وجاءت الأخبار أيضا من مكة بوفاة الأمير برد بك نائب جدّة، وكان أحد الأمراء المقدّمين بمصر، وخرج منفيا إلى مكة بعد كسرة آقبردى فمات بها، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباى، وكان لا بأس به.
وفيه كان ابتداء الوحشة بين السلطان وخاله قانصوه، وقد صار بعض الأمراء يوقع بينهما الفتن، حتى بلغ بذلك مقاصد، وخيّلوا الملك الناصر من خاله، وخيّلوا خاله منه بأشياء من أنواع الحيل والخداع، وأخذوا فى أسباب ما يتمّ به الحيلة على قتل الملك الناصر، وقد سعوا فى ذلك سعى الشطّار، حتى كان من أمره ما سنذكره فى موضعه، وقد قيل فى معنى ذلك:
صف بالدهاء الذى يخشى الدهاء فما … ينام خيفة أن تسدى له الحيل
فقد تبيت بقلب ضمّه أسد … ولا تبيت بقلب ضمّه رجل
وفيه خرج الحاج من القاهرة فى تجمّل زائد، وكان أمير ركب المحمل تانى بك الجمالى، وبالأول جان بلاط الموتر المحتسب. - وفيه جدّد الأمير قانصوه خال السلطان