للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا إن هذا الوباء قد سبا … وقد عمّنا طعن طوفانه

ولا عاصم اليوم من أمره … سوى رحمة الله سبحانه

ومات فى هذا الشهر من الأعيان جماعة كثيرة، منهم الناصرى محمد بن الشهابى أحمد بن العينى، وكان شابا رئيسا حشما، أدوبا عاقلا، وولى من الوظائف: حسبة القاهرة، ونظر الجوالى، ووكالة بيت المال، وتوجّه إلى الحجاز أمير حاج أول فى دولة الملك الناصر، وكان عنده من أخصائه؛ ومات بيبرس من حيدر الأشرفى قايتباى نائب القلعة، وكان لا بأس به؛ ومات الأمير جانبلاط الغورى رئيس نوبة النوب، وكان قليل الأذى لا بأس به، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباى، وتنقّل من الخاصكية لأمرة عشرة، ثم بقى أمير الطبلخانات، ثم بقى نائب القلعة، ثم بقى مقدم ألف، ثم بقى رأس نوبة النوب، وتوفى فى هذا الشهر.

وفيه مات صنطباى المبشّر الأشرفى قايتباى، أحد الأمراء الطبلخانات؛ وماتت شاشة أم آقبردى الدوادار الجركسية، فنزل السلطان وصلّى عليها، وحمل نعشها قانصوه خال السلطان، ومشى به خطوات؛ وماتت أم جمجمة ابن عثمان، سرية أبيه محمد بن عثمان ملك الروم، وكان اسمها ججك، وكانت لا بأس بها؛ ومات قيت الأشرفى قايتباى أحد العشرات، وكان شاد الطرانة

ومن الوقائع الغريبة أن شخصا من المماليك الجلبان طعن، فلما أشرف على الموت أحضر شهودا، وأخرج بين أيديهم جملة قماش، ما بين بشاخين ومقاعد ومخدّات وبسط وغير ذلك، ومبلغ نحو من ثلاثة آلاف دينار، وأخبر أنه نهب ذلك من مكان سمّاه، ثم قال لغلامه: امض وآتنى بأصحاب تلك القماش، فمضى الغلام والشهود جالسة، فغاب ساعة ثم أحضر أصحاب القماش، فعرفهم ذلك المملوك، فسلّمهم تلك المال والقماش بحضرة الشهود وسألهم المحاللة، فلما حاللوه ومضوا مات من ليلته، فعدّ ذلك من النوادر.

ومات آخر من المماليك الجلبان، فوجد عنده خمسة عشر ألف دينار، فذكر غلامه أنه نهب ذلك من حاصل آقبردى الذى فى حارة زويلة، فحمل ذلك المال إلى